سوالف

عيب عليكم... إنه محمد عواد

| أسامة الماجد

أكثر‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يؤلم‭ ‬ويوجع‭ ‬القلب‭ ‬قلة‭ ‬عدد‭ ‬الفنانين‭ ‬الذين‭ ‬حضروا‭ ‬تشييع‭ ‬عميد‭ ‬المسرح‭ ‬البحريني‭ ‬الفنان‭ ‬محمد‭ ‬عواد‭ ‬في‭ ‬مقبرة‭ ‬المنامة‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي،‭ ‬فعددهم‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬أصابع‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة‭ ‬وكأنهم‭ ‬لا‭ ‬يعترفون‭ ‬بالشخصية‭ ‬الحافلة‭ ‬بالعطاء‭ ‬التي‭ ‬رسمت‭ ‬خطوط‭ ‬المسرح‭ ‬البحريني‭ ‬وجعلته‭ ‬يحتفظ‭ ‬بطابعه‭ ‬المستقل‭ ‬الأصيل‭.‬

والغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬خبر‭ ‬وفاة‭ ‬الفنان‭ ‬محمد‭ ‬عواد‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬25‭ ‬أغسطس‭ ‬غصت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بصور‭ ‬الراحل‭ ‬وتعليقات‭ ‬جميع‭ ‬الفنانين‭ ‬البحرينيين‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬كبارا‭ ‬وصغارا،‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء،‭ ‬فالحزن‭ ‬يومها‭ ‬اتخذ‭ ‬شكلا‭ ‬آخر‭ ‬وأصبح‭ ‬مثل‭ ‬الشواطئ‭ ‬المتعرجة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يحدها‭ ‬البصر،‭ ‬واعتقدت‭ ‬شخصيا‭ ‬أن‭ ‬المقبرة‭ ‬ستكون‭ ‬ممتلئة‭ ‬بجموع‭ ‬الفنانين‭ ‬لتوديع‭ ‬الراحل‭ ‬وإلقاء‭ ‬النظرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬عليه،‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬إن‭ ‬صح‭ ‬التعبير‭ ‬“الفزعة‭ ‬وأداء‭ ‬الواجب”،‭ ‬لكن‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬وقت‭ ‬تشييع‭ ‬الجنازة‭ ‬كان‭ ‬يوم‭ ‬عطلة،‭ ‬فحضور‭ ‬الفنانين‭ ‬وتلاميذ‭ ‬محمد‭ ‬عواد‭ ‬كان‭ ‬“مخجلا”‭ ‬وتمنيت‭ ‬حينها‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬الراحل‭ ‬عينه‭ ‬ليرى‭ ‬من‭ ‬جاء‭ ‬ليحمله‭ ‬على‭ ‬كتفه‭ ‬ويقول‭ ‬له‭ ‬بنبض‭ ‬مختلج‭ ‬بالحزن‭... ‬وداعا‭ ‬معلمنا‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬مقبرة‭ ‬المنامة‭ ‬يشكل‭ ‬علامة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬“الخيبة”‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬كبير‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬الفنان‭ ‬البحريني،‭ ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬معاناة‭ ‬لغوية‭ ‬ونفسية‭ ‬كبيرة،‭ ‬إذ‭ ‬كيف‭ ‬يغيب‭ ‬الفنانون‭ ‬عن‭ ‬تشييع‭ ‬معلمهم‭ ‬وصديقهم‭ ‬ورفيق‭ ‬دربهم،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الصوت‭ ‬اللصيق‭ ‬بحياتهم،‭ ‬وضع‭ ‬صورته‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والانفراد‭ ‬بالألم‭ ‬الذاتي‭ ‬مشهد‭ ‬عادي‭ ‬وليس‭ ‬مقياسا‭ ‬للوفاء‭ ‬لمحمد‭ ‬عواد،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬حضور‭ ‬“الدفان”‭ ‬ورد‭ ‬الجميل‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الفنانين‭ ‬البحرينيين‭ ‬إخوة‭ ‬في‭ ‬المسيرة‭ ‬وزنبقات‭ ‬الحزن‭ ‬تعانق‭ ‬قلوبهم‭ ‬عند‭ ‬موت‭ ‬أحدهم،‭ ‬والإعلاميون‭ ‬أيضا‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬لم‭ ‬نشاهد‭ ‬أحدا‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬المقبرة‭.‬

عندما‭ ‬جلست‭ ‬بجانب‭ ‬قبر‭ ‬محمد‭ ‬عواد‭ ‬قلت‭ ‬بصوت‭ ‬مهزوم‭ ‬لمدير‭ ‬الإنتاج‭ ‬أحمد‭ ‬جاسم‭ ‬العكبري‭.. ‬أين‭ ‬الفنانين،‭ ‬أين‭ ‬الوفاء‭ ‬والإخلاص،‭ ‬لقد‭ ‬سقطوا‭ ‬مهزومين‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬بحزنهم‭ ‬المزيف‭. ‬نم‭ ‬قرير‭ ‬العين‭ ‬أستاذنا‭ ‬محمد‭ ‬عواد‭ ‬ولنا‭ ‬عذابات‭ ‬الذات‭ ‬وهمومها‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬قوله‭ ‬للفنانين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يحضروا‭ ‬الجنازة‭... ‬عيب‭ ‬عليكم‭.. ‬إنه‭ ‬محمد‭ ‬عواد‭.‬