ريشة في الهواء

عرب ضد أنفسهم!

| أحمد جمعة

بعض‭ ‬العرب‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬ومع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬عدو‭ ‬عدوي‭ ‬صديقي،‭ ‬وبعضهم‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومع‭ ‬إيران،‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬كافرة‭ ‬وإيران‭ ‬مسلمة‭! ‬بعض‭ ‬العرب‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬ومع‭ ‬إسرائيل‭ ‬نكاية‭ ‬بالعرب‭ ‬الآخرين،‭ ‬وهناك‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالمطلق‭ ‬بذريعة‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬عصرية‭ ‬وهم‭ ‬معجبون‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فريقا‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بالمطلق‭ ‬بذريعة‭ ‬عقائدية‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تتبنى‭ ‬ذات‭ ‬العقيدة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬هم‭ ‬مع‭ ‬العقيدة،‭ ‬أما‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬فهم‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬وهؤلاء‭ ‬لهم‭ ‬عذرهم‭ ‬لأنهم‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنهم‭ ‬عرب‭ ‬وعروبتهم‭ ‬تفرض‭ ‬عليهم‭ ‬الانتماء‭ ‬للعروبة‭.‬

عندما‭ ‬تتأمل‭ ‬القوميات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬تجدها‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬مواقف‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الطرف‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الولاء‭ ‬الكلي‭ ‬للعدو،‭ ‬أو‭ ‬الذي‭ ‬تعتبره‭ ‬عدوا‭ ‬لك،‭ ‬فإسرائيل‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬عدوة‭ ‬العرب،‭ ‬وإيران‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬عدوة‭ ‬العرب،‭ ‬ولن‭ ‬يتفق‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬عدو‭ ‬لهم‭ ‬ماداموا‭ ‬منشقين‭ ‬على‭ ‬أنفسهم،‭ ‬فالحوثي‭ ‬وهو‭ ‬عربي‭ ‬يمني‭ ‬ينظر‭ ‬لإيران‭ ‬بأنها‭ ‬كعبته،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬فيها‭ ‬عدوا‭ ‬يسعى‭ ‬لتدمير‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عربي‭. ‬والفلسطيني،‭ ‬عربي،‭ ‬وهناك‭ ‬شريحة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عداؤهم‭ ‬للعرب‭ ‬يفوق‭ ‬عداء‭ ‬الحوثي،‭ ‬وولاؤهم‭ ‬لإيران‭ ‬كحماس‭ ‬والجهاد،‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أغدق‭ ‬عليهم‭ ‬العرب‭ ‬كل‭ ‬الدعم،‭ ‬هواهم‭ ‬إيراني‭.‬

نأتي‭ ‬لبعض‭ ‬العرب،‭ ‬هواهم‭ ‬غربي‭ ‬النزعة،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أميركيون‭ ‬حتى‭ ‬العظم،‭ ‬ومهما‭ ‬فعلت‭ ‬أميركا‭ ‬في‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬خير‭ ‬أو‭ ‬شر،‭ ‬موقفهم‭ ‬واحد‭ ‬لا‭ ‬يتغير،‭ ‬إعجاب‭ ‬للأبد،‭ ‬وهناك‭ ‬عرب‭ ‬معجبون‭ ‬بفرنسا‭ ‬مثل‭ ‬بعض‭ ‬أهل‭ ‬المغرب‭ ‬العربي،‭ ‬وهناك‭ ‬عرب‭ ‬لا‭ ‬يؤمنون‭ ‬بأية‭ ‬عقيدة‭ ‬وهم‭ ‬مرتاحون‭ ‬ولا‭ ‬تربطهم‭ ‬علاقة‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬احترق،‭ ‬القصد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الاستعراض‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬تستطيع‭ ‬فهم‭ ‬العرب؟‭ ‬وكيف‭ ‬تعتمد‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬موقف؟‭ ‬وكيف‭ ‬تفهم‭ ‬ماذا‭ ‬يريدون‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬هم‭ ‬متجهون؟‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬جهات‭ ‬الكون‭ ‬الأربع‭ ‬هناك‭ ‬شمال‭ ‬وجنوب‭ ‬وشرق‭ ‬وغرب،‭ ‬وعندما‭ ‬تتجه‭ ‬لإحدى‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬فأنت‭ ‬تعرف‭ ‬طريقك،‭ ‬لكن‭ ‬حال‭ ‬العرب‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬غير‭ ‬واضح،‭ ‬ففي‭ ‬ليبيا‭ ‬قصة‭ ‬وفي‭ ‬السودان‭ ‬قصة‭ ‬وفي‭ ‬فلسطين‭ ‬رواية‭ ‬طويلة‭ ‬عمرها‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وهناك‭ ‬العراق‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬وكلها‭ ‬بلاد‭ ‬عربية‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬مع‭ ‬جهة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬فجميعهم‭ ‬هناك‭ ‬منقسمون‭ ‬على‭ ‬بعضهم،‭ ‬اليمني‭ ‬ضد‭ ‬اليمني‭ ‬والعراقي‭ ‬ضد‭ ‬العراقي‭ ‬والليبي‭ ‬ضد‭ ‬الليبي،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اختلافات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬بالعالم‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الشعب‭ ‬الواحد،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬الخلاف‭ ‬لرفع‭ ‬السلاح‭ ‬الثقيل‭ ‬والقتال‭ ‬داخل‭ ‬البلد‭ ‬الواحد،‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬لأن‭ ‬ثقافة‭ ‬الخلاف‭ ‬والرأي‭ ‬مفقودة‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬بلغنا‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭.‬

 

تنويرة‭:

‬هل‭ ‬تشرق‭ ‬الشمس‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬موعدها؟‭ ‬كذلك‭ ‬الغروب‭!.‬