كلام صريح في رحاب عاشوراء الحسين (ع)

| سعيد محمد

منذ‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭.. ‬من‭ ‬أيام‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدي‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬والكتب‭ ‬وأشرطة‭ ‬الكاسيت‭ ‬والمنشورات‭ ‬والكتيبات،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬عصرنا‭ ‬الحاضر،‭ ‬حيث‭ ‬الإعلام‭ ‬الرقمي‭ ‬بفضائه‭ ‬الإلكتروني‭ ‬والـ”سايبر”‭ ‬اللامتناهي‭ ‬وتطبيقاته‭ ‬المذهلة،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬“المهووسين‭ ‬بالتشدد‭ ‬والطائفية‭ ‬والصدام‭ ‬المذهبي”،‭ ‬من‭ ‬الطائفتين،‭ ‬يستغلون‭ ‬موسم‭ ‬عاشوراء‭ ‬لإذكاء‭ ‬نار‭ ‬الخلافات‭ ‬والنزاعات،‭ ‬وهذه‭ ‬“الفئة”‭ ‬السيئة‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تدرك‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬ومدلولات‭ ‬نهضة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬قبل‭ ‬1380‭ ‬سنة،‭ ‬وأساسها‭ ‬مبادئ‭ ‬التوحيد‭ ‬والعدل‭ ‬والمساواة‭ ‬والأخوة‭ ‬والإنسانية‭ ‬والخير‭ ‬بكل‭ ‬صوره‭.‬

موسم‭ ‬عاشوراء،‭ ‬إن‭ ‬جاز‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬بشكل‭ ‬صريح‭ ‬ومكشوف،‭ ‬ليس‭ ‬موسمًا‭ ‬ينشط‭ ‬فيه‭ ‬الطائفيون‭ ‬وأهل‭ ‬الفتنة‭ ‬للإساءة‭ ‬إلى‭ ‬أتباع‭ ‬مذهب‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬والجماعة‭ ‬أو‭ ‬أتباع‭ ‬المذهب‭ ‬الجعفري‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مذهب‭ ‬إسلامي‭ ‬أو‭ ‬دين‭ ‬سماوي‭ ‬آخر،‭ ‬وليس‭ ‬حيزًا‭ ‬لأن‭ ‬يسمح‭ ‬الناس‭ ‬بدخول‭ ‬أفكار‭ ‬الفئة‭ ‬الشيطانية‭ ‬المتلبسين‭ ‬بلباس‭ ‬الدين‭ ‬للإساءة‭ ‬إلى‭ ‬الأوطان‭ ‬أو‭ ‬المكونات‭ ‬بين‭ ‬رافضي‭ ‬وناصبي‭ ‬وكافر‭ ‬ومشرك‭ ‬وضال‭ ‬وصفوي‭ ‬إلى‭ ‬آخرها‭ ‬من‭ ‬المصطلحات‭ ‬الوضيعة،‭ ‬والتسميات‭ ‬المريضة‭.‬

عاشوراء‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬ليست‭ ‬“سوقًا‭ ‬للمنابر‭ ‬المؤدلجة‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬هواه‭ ‬ومزاجه،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الخطيب‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬أم‭ ‬من‭ ‬الشيعة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬تجار‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬فضائياتهم‭ ‬وقنواتهم‭ ‬على‭ ‬“اليوتيوب”‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بين‭ ‬أحاديث‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬القتلة‭ ‬وبين‭ ‬الإساءة‭ ‬لمعتقدات‭ ‬الناس‭ ‬وبين‭ ‬الدعوات‭ ‬الإجرامية‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬الآخر،‭ ‬وبين‭ ‬التأليب‭ ‬والتأجيج‭ ‬والنبش‭ ‬في‭ ‬الغث‭ ‬والرديء‭ ‬من‭ ‬الوقائع‭ ‬التاريخية‭ ‬وإسقاطها‭ ‬على‭ ‬الحاضر‭.‬

ذكرى‭ ‬عاشوراء‭ ‬ليست‭ ‬نطاقًا‭ ‬لترويج‭ ‬ما‭ ‬يخالف‭ ‬الدين‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشعائر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالذكرى،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المظاهر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬الذكرى،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إثارة‭ ‬الفتنة‭ ‬والنفخ‭ ‬في‭ ‬نيران‭ ‬المواجهة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬هيئة‭ ‬أو‭ ‬موكب‭ ‬أو‭ ‬مأتم،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬الشعارات‭ ‬والعبارات‭ ‬ومحرضات‭ ‬الطائفية،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬تنشيط‭ ‬فضائيات‭ ‬هنا‭ ‬وبرامج‭ ‬هناك‭ ‬هدفها‭ ‬الأساس‭ ‬هو‭ ‬استغلال‭ ‬الذكرى؛‭ ‬لضرب‭ ‬استقرار‭ ‬المجتمعات‭ ‬وتعايشها‭ ‬واحترامها‭ ‬لممارسة‭ ‬الشعائر‭ ‬المعتقدات‭ ‬والأديان‭.‬

مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬هي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬القلائل‭ ‬التي‭ ‬توظف‭ ‬فيها‭ ‬الدولة‭ ‬إمكاناتها‭ ‬وتسهيلاتها‭ ‬وخدماتها‭ ‬لإنجاح‭ ‬الموسم‭ ‬بأمان‭ ‬وراحة‭ ‬وطمأنينة،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمنح‭ ‬إجازة‭ ‬تاسوعاء‭ ‬وعاشوراء،‭ ‬وهذه‭ ‬من‭ ‬النعم‭ ‬العظيمة‭ ‬ولله‭ ‬الحمد،‭ ‬وحفاظًا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء،‭ ‬ولأننا‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬قانون‭ ‬ومؤسسات،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يتعرض‭ ‬للمساءلة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يمارس‭ ‬أشكال‭ ‬الإساءة،‭ ‬فاستهداف‭ ‬استقرار‭ ‬المجتمع‭ ‬وحرية‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬شعائرهم‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬يلزم‭ ‬معاقبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يسيء‭ ‬إلى‭ ‬مذهب‭ ‬من‭ ‬المذاهب‭ ‬أو‭ ‬ملة‭ ‬من‭ ‬الملل‭ ‬أو‭ ‬يسخر‭ ‬أو‭ ‬يتجاوز‭ ‬أو‭ ‬يؤجج‭ ‬ويحرض،‭ ‬بعدالة‭ ‬القانون،‭ ‬حفاظًا‭ ‬على‭ ‬قدسية‭ ‬ذكرى‭ ‬جليلة‭ ‬لها‭ ‬مكانتها‭ ‬الدينية‭ ‬بين‭ ‬أهل‭ ‬البلد‭.‬