هل التحزب ضرورة للعمل السياسي؟

| بدور عدنان

أقر‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬قانون‭ ‬الجمعيات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك،‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬الدول‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وملامحها‭ ‬المتقدمة‭ ‬متفوقاً‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬الجماعات‭ ‬السياسية‭ ‬فيها‭ ‬وفي‭ ‬مجتمعها‭ ‬المدني‭ ‬تعمل‭ ‬دون‭ ‬غطاء‭ ‬أو‭ ‬مظلة‭ ‬قانونية،‭ ‬وهكذا‭ ‬أضحت‭ ‬البحرين‭ ‬رائدة‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭.‬

في‭ ‬الواقع‭ ‬المثالي‭ ‬تعتبر‭ ‬الجمعيات‭ ‬والأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬للعمل‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تلاقي‭ ‬الأفكار‭ ‬والخبرات‭ ‬والنقاشات‭ ‬المثمرة‭ ‬والبناءة‭ ‬لجلسات‭ ‬العصف‭ ‬الذهني‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تثمر‭ ‬مخرجات‭ ‬وكوادر‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬وتطوير‭ ‬الأوضاع‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهدف‭ ‬الأول‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬تنتمي‭ ‬للمجتمع‭ ‬السياسي‭ ‬الدولي‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬حماية‭ ‬مصالحها‭ ‬القومية‭. ‬

على‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬اشترط‭ ‬قانون‭ ‬الجمعيات‭ ‬السياسية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬تأسيس‭ ‬الجمعية‭ ‬مبنيا‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬طبقي‭ ‬أو‭ ‬طائفي‭ ‬أو‭ ‬فئوي‭ ‬أو‭ ‬جغرافي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬جوهر‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬يستند‭ ‬للمواطنة‭ ‬كوعاء‭ ‬جامع‭ ‬لكل‭ ‬البحرينيين‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬الفرعية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬درء‭ ‬الفتن‭ ‬والتشرذم‭ ‬غاية‭.‬

لكن‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬بقانون‭ ‬الجمعيات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لم‭ ‬ألمس‭ ‬نتاجا‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬الجمعيات‭ ‬السياسية،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المؤمل‭ ‬أن‭ ‬تؤديه،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬تستر‭ ‬ليمد‭ ‬مطية‭ ‬الغدر‭ ‬في‭ ‬خاصرة‭ ‬الوطن‭ ‬عملاً‭ ‬بأجندات‭ ‬خارجية‭ ‬وأهداف‭ ‬ومآرب‭ ‬شخصية‭.‬

وكان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يستوعب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الصحيحة‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬المعارضة‭ ‬البناءة‭ ‬الهادفة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬للحوار‭ ‬والنقاش‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تصحيح‭ ‬الأخطاء‭ ‬فسعى‭ ‬لتحشيد‭ ‬والتغرير‭ ‬بالمواطنين‭ ‬في‭ ‬جمعيات‭ ‬كان‭ ‬شغلها‭ ‬الشاغل‭ ‬المعارضة‭ ‬لهدف‭ ‬تأسيس‭ ‬ثقافة‭ ‬الاختلاف‭ ‬والنقد‭ ‬السلبي،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تغب‭ ‬عن‭ ‬المشهد‭ ‬الجمعيات‭ ‬السياسية‭ ‬ذات‭ ‬الصبغة‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬لأن‭ ‬تكرس‭ ‬مكانتها‭ ‬الدينية‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكتسبات‭ ‬سياسية‭. ‬

لا‭ ‬أسعى‭ ‬هنا‭ ‬لكيل‭ ‬الاتهامات‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬أدعو‭ ‬الشباب‭ ‬للعزوف‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬ضمن‭ ‬الجمعيات‭ ‬السياسية،‭ ‬لكن‭ ‬قبل‭ ‬الانضمام‭ ‬لأية‭ ‬جمعية‭ ‬سياسية‭ ‬يجب‭ ‬التمعن‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬المعلنة‭ ‬وغير‭ ‬المعلنة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تتبع‭ ‬مواقفها‭ ‬وبياناتها‭ ‬السابقة‭ ‬وقراءة‭ ‬السير‭ ‬الذاتية‭ ‬لأهم‭ ‬رموزها‭ ‬ومؤسسيها،‭ ‬فالانضواء‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬الجمعيات‭ ‬السياسية‭ ‬ليس‭ ‬شرطا‭ ‬أساسيا‭ ‬للعمل‭ ‬السياسي‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬الأول‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭.‬