رسالة سامية

| د. عبدالله الحواج

يغالبني‭ ‬الإيمان‭ ‬بأن‭ ‬مجلس‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬ورعاه‭ ‬سيظل‭ ‬منبرًا‭ ‬نخبويًا‭ ‬سباقًا‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬القضايا‭ ‬الشائكة،‭ ‬ومناقشة‭ ‬المشكلات‭ ‬العالقة،‭ ‬وحسم‭ ‬التحديات‭ ‬المحدقة‭.‬

كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬مشاركة‭ ‬فاعلة‭ ‬واعية‭ ‬وإلى‭ ‬أطروحات‭ ‬فكرية‭ ‬فريدة‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بأمن‭ ‬الوطن‭ ‬وأمانه،‭ ‬باستقراره‭ ‬وديمومة‭ ‬نماؤه،‭ ‬بنهضته‭ ‬والبناء‭ ‬على‭ ‬مراحلها‭ ‬التنويرية‭ ‬المتعاقبة‭.‬

وكثيرًا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬يكرر‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬هو‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للتنمية،‭ ‬هو‭ ‬ثروته‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنضب،‭ ‬وتراثه‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يسقط‭ ‬بالتقادم‭.‬

وعندما‭ ‬يتجلى‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬أبهى‭ ‬صوره‭ ‬وسمو‭ ‬الرئيس‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬النماء‭ ‬المستدام،‭ ‬فإن‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬يتوارد‭ ‬في‭ ‬مخيلتي‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬السر‭ ‬الذي‭ ‬يحفظ‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬الكون‭ ‬العظيم،‭ ‬احترام‭ ‬الآخر‭ ‬بل‭ ‬والاستعانة‭ ‬به،‭ ‬القبول‭ ‬بالمختلف‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬تجلياته‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬المعاكس‭.‬

بين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬يقف‭ ‬الرئيس‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬شامخًا،‭ ‬عنيدًا،‭ ‬مُهابًا‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬والقوميات‭ ‬وأطماعها،‭ ‬أذكر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬أذكر‭ ‬وقفة‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬شاه‭ ‬إيران‭ ‬وهو‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬عروبة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وأذكر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬أذكر‭ ‬مشاركات‭ ‬سموه‭ ‬للقادة‭ ‬الخليجيين‭ ‬والعرب‭ ‬والدوليين‭ ‬عندما‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬أمته‭ ‬في‭ ‬تعايش‭ ‬سلمي‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬القوميات‭ ‬والأعراق،‭ ‬وأذكر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬أذكر‭ ‬ذلك‭ ‬الإبداع‭ ‬التنموي‭ ‬الفائق‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬عليه‭ ‬عصر‭ ‬بأكمله‭ ‬منذ‭ ‬طفرة‭ ‬النفط‭ ‬الأولى‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭.‬

خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القريبة‭ ‬الماضية‭ ‬شاهدنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬وهي‭ ‬تحتفي‭ ‬بسموه‭ ‬كرجل‭ ‬للضمير‭ ‬العالمي،‭ ‬كيوم‭ ‬ممتد‭ ‬في‭ ‬أبجدية‭ ‬الزمن،‭ ‬وكموقظ‭ ‬للنقاء‭ ‬الإنساني‭ ‬ومطلق‭ ‬للمبادرات‭ ‬الخلاقة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية‭ ‬الحضارية‭ ‬والأخرى‭ ‬المستدامة‭.‬

وها‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬نشهد‭ ‬على‭ ‬يديه‭ ‬الكريمتين‭ ‬ذلك‭ ‬النماء‭ ‬التعليمي‭ ‬الفارق،‭ ‬والإنماء‭ ‬العلمي‭ ‬غير‭ ‬المسبوق،‭ ‬قرارات‭ ‬حازمة‭ ‬حاسمة‭ ‬لتطوير‭ ‬القاعدة‭ ‬الجامعية‭ ‬الخاصة‭ ‬بانضمام‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية‭ ‬إلى‭ ‬المنظومة‭ ‬المعرفية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬شهدنا‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬الزاهر‭ ‬انطلاق‭ ‬أول‭ ‬جامعة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬هي‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬كثمرة‭ ‬يانعة‭ ‬من‭ ‬ثمار‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬الكبير‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬نحن‭ ‬نسعى‭ ‬ومنظومتنا‭ ‬الأكاديمية‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬التحليق‭ ‬المُنسق‭ ‬بين‭ ‬الجامعات‭ ‬الحكومية‭ ‬والخاصة‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬التوازن‭ ‬والانضباط،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لدينا‭ ‬أي‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬رسالة‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الوزارة‭ ‬المسئولة‭ ‬حتى‭ ‬الهيئات‭ ‬التابعة‭ ‬والمجموعات‭ ‬العلمية‭ ‬الحاضنة،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬العالمية‭ ‬الضامنة،‭ ‬جميعًا‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بقليل‭ ‬من‭ ‬المحاكاة‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الكياسة‭ ‬تستطيع‭ ‬اتخاذ‭ ‬بعض‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يرتبط‭ ‬بها‭ ‬مستقبل‭ ‬الجامعات،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬يُمكنها‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬أقدامها‭ ‬ثابتة‭ ‬واثقة‭ ‬حتى‭ ‬توفر‭ ‬مناهج‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬التوافق‭ ‬مع‭ ‬أسواق‭ ‬العمل‭ ‬ومع‭ ‬احتياجات‭ ‬النماء‭ ‬المستدام،‭ ‬بل‭ ‬ومع‭ ‬احتياجات‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬والاستثمار‭ ‬المعرفي،‭ ‬والتوظيف‭ ‬الأمثل‭ ‬للمهارات‭ ‬والكفاءات‭ ‬البشرية‭ ‬الطالعة‭.‬

هنا‭ ‬يمكن‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فات‭ ‬وإعادة‭ ‬الزخم‭ ‬الإقليمي‭ ‬للبحرين،‭ ‬كمركز‭ ‬للإشعاع‭ ‬العلمي‭ ‬والحضاري،‭ ‬للبحثي‭ ‬والتأملي‭ ‬والإبداعي‭ ‬الذي‭ ‬كنا‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬ماضينا‭ ‬الجميل‭ ‬ونتطلع‭ ‬إليه‭ ‬مسكونين‭ ‬بالأمل‭ ‬ومحكومين‭ ‬بالعمل،‭ ‬ومسؤولين‭ ‬عن‭ ‬النجاح‭.‬