قطر والإرهاب

| هيلة المشوح

دعا‭ ‬الكاتب‭ ‬الأميركي‭ ‬جوردن‭ ‬كوب،‭ ‬ضمن‭ ‬مقال‭ ‬نُشر‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬“ذا‭ ‬فدراليست”،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ككل‭ ‬إلى‭ ‬الإسراع‭ ‬بتصنيف‭ ‬قطر‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الإرهاب‭ ‬العالمية،‭ ‬وقال‭ ‬“كوب”،‭ ‬إنه‭ ‬تتعين‭ ‬تسمية‭ ‬الأمور‭ ‬بمسمياتها‭ ‬الحقيقية،‭ ‬فكما‭ ‬صنفت‭ ‬واشنطن‭ ‬دولا‭ ‬وتنظيمات‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الإرهاب‭ ‬ودعمه،‭ ‬فعليها‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬الشيء‭ ‬ذاته‭ ‬مع‭ ‬قطر،‭ ‬كونها‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وفي‭ ‬نشر‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬مصالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭. ‬وأوضح‭ ‬الكاتب،‭ ‬أن‭ ‬أميركا‭ ‬أهملت‭ ‬كثيراً‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الإرهاب،‭ ‬بسبب‭ ‬شراء‭ ‬الدوحة‭ ‬الصمت‭ ‬الأميركي،‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬التبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬العسكرية،‭ ‬التي‭ ‬تنفق‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬لصالح‭ ‬اقتصاد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬استضافتها‭ ‬قاعدةَ‭ ‬العديد‭ ‬العسكرية‭ ‬الأميركية‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭.‬

وتنضوي‭ ‬تحت‭ ‬المظلة‭ ‬القطرية‭ ‬بعض‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬سراً‭ ‬وعلانية،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬أمراً‭ ‬مفاجئاً‭ ‬حين‭ ‬نستدعي‭ ‬دور‭ ‬قناة‭ ‬“الجزيرة”‭ ‬القطرية‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬الإعلامي‭ ‬تنظيم‭ ‬“القاعدة”‭ ‬منذ‭ ‬بدايات‭ ‬تكوّن‭ ‬التنظيم،‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬مئات‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الثمانينيات‭ ‬وبداية‭ ‬التسعينات‭ ‬الميلادية،‭ ‬ولم‭ ‬يلبث‭ ‬أن‭ ‬اعتنق‭ ‬أفكاره‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المغرر‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وذلك‭ ‬بفعل‭ ‬الترويج‭ ‬الذي‭ ‬حظي‭ ‬به‭ ‬التنظيم‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬“الجزيرة”‭ ‬وبثها‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬قادته،‭ ‬كابن‭ ‬لادن‭ ‬والظواهري،‭ ‬وإظهارهم‭ ‬كأبطال‭ ‬مغاوير‭ ‬ضد‭ ‬“المشروع‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬المنطقة”،‭ ‬هذا‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬انضمام‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مواطني‭ ‬باكستان‭ ‬وأفغانستان‭ ‬والشيشان‭ ‬وأبناء‭ ‬جمهوريات‭ ‬القوقاز‭ ‬وغيرها‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬المدعوم‭ ‬قطرياً،‭ ‬هناك‭ ‬أيضاً‭ ‬عدة‭ ‬منظمات‭ ‬إرهابية‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬القطري،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬دعماً‭ ‬مادياً،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬“طالبان”‭ ‬و”حزب‭ ‬الله”‭ ‬وحركة‭ ‬“حماس”‭ ‬وجبهة‭ ‬“النصرة”،‭ ‬أم‭ ‬كان‭ ‬دعماً‭ ‬لوجستياً‭ ‬شاملاً‭ ‬الإيواء‭ ‬والتمكين،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬جماعة‭ ‬“الإخوان‭ ‬المسلمين”‭ ‬الإرهابية‭.‬

وتلعب‭ ‬قطر‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الإرهاب‭ ‬العالمي‭ ‬بأموال‭ ‬الغاز‭ ‬القطري،‭ ‬وعبر‭ ‬تحويلات‭ ‬مالية‭ ‬تم‭ ‬توثيقها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البنوك‭ ‬العالمية‭ ‬وعلى‭ ‬يدي‭ ‬القضاء‭ ‬الدولي،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬والتي‭ ‬رفعت‭ ‬بدورها‭ ‬وثائق‭ ‬تثبت‭ ‬تورط‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬جماعات‭ ‬إرهابية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬تابعة‭ ‬لفرع‭ ‬“القاعدة”‭ ‬هناك‭ (‬أي‭ ‬جبهة‭ ‬النصرة‭)‬،‭ ‬وبتحويلات‭ ‬تمت‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬بنك‭ ‬الدوحة‭. ‬

هذا‭ ‬كله‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تورط‭ ‬النظام‭ ‬القطري‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬تفجيرات‭ ‬بوصاصو‭ ‬في‭ ‬الصومال،‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬والتي‭ ‬أكدتها‭ ‬المكالمة‭ ‬الهاتفية‭ ‬المسربة‭ ‬بين‭ ‬السفير‭ ‬القطري‭ ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬حسن‭ ‬بن‭ ‬حمزة‭ ‬ورجل‭ ‬الأعمال‭ ‬القطري‭ ‬خليفة‭ ‬المهندي،‭ ‬والتي‭ ‬ورد‭ ‬فيها‭ ‬ضلوع‭ ‬بلدهما‭ ‬في‭ ‬التفجيرات،‭ ‬وإثر‭ ‬ذلك‭ ‬قام‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬القطري،‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬ثاني،‭ ‬بزيارة‭ ‬غير‭ ‬معلنة‭ ‬مسبقاً‭ ‬للصومال‭ ‬للملمة‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬لملمته‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة‭ ‬المدوية،‭ ‬وبعد‭ ‬التخبط‭ ‬الذي‭ ‬أعقب‭ ‬انكشاف‭ ‬الفضيحة‭ ‬بين‭ ‬النفي‭ ‬تارة،‭ ‬وإنكار‭ ‬علاقة‭ ‬الخارجية‭ ‬القطرية‭ ‬بالمهندي‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭.‬

وربما‭ ‬بقي‭ ‬أن‭ ‬نعرج‭ ‬على‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬الميليشيات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬التي‭ ‬دعمتها‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لضرب‭ ‬استقرار‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬ميليشيات‭ ‬الحوثي،‭ ‬الذراع‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وأحد‭ ‬المكونات‭ ‬التي‭ ‬تمول‭ ‬قطر‭ ‬منظومتَها‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬وتعاظمت‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬“الربيع‭ ‬العربي”‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الحلم‭ ‬الكبير‭ ‬لحمد‭ ‬بن‭ ‬خليفة،‭ ‬حيث‭ ‬تحول‭ ‬الحلم‭ ‬من‭ ‬التسيد‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الهذيان‭ ‬والأمراض‭ ‬وقرب‭ ‬الرحيل،‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬يمد‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عمره‭ ‬ليشهد‭ ‬تصنيف‭ ‬قطر‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الإرهاب‭ ‬العالمية‭!. ‬“الاتحاد”‭.‬