لمحات

الثقافة الغذائية

| د.علي الصايغ

لفتتني‭ ‬تغريدة‭ ‬لأحد‭ ‬الأطباء‭ - ‬لم‭ ‬تسعفن‭ ‬الذاكرة‭ ‬لحفظ‭ ‬اسمه‭ ‬–‭ ‬كان‭ ‬محتواها‭ ‬مدعاة‭ ‬للتأمل‭ ‬والتفكر،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬نواجهه‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬غزارة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬الغذائي‭ ‬الصناعي،‭ ‬والذي‭ ‬يبتعد‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬عن‭ ‬الطبيعة‭ ‬التي‭ ‬خلقها‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬المأكولات‭.‬

مفاد‭ ‬التغريدة‭ ‬أن‭ ‬العناية‭ ‬الكبيرة‭ ‬الواهمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬غالبية‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬لأبنائهم‭ ‬بشراء‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة‭ ‬لهم،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬وجبة‭ ‬يومياً‭ ‬أحياناً،‭ ‬وبأسعارها‭ ‬التي‭ ‬غدت‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬الأيدي؛‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تكلف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأموال،‭ ‬قد‭ ‬تتسبب‭ ‬بالأمراض‭ ‬لهم‭ ‬–‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله‭ ‬–‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشعروا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يكون‭ ‬ثمنها‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬باهظاً‭ ‬جداً،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬المبالغ‭ ‬الزهيدة‭ ‬التي‭ ‬تصرف‭ ‬على‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تساوي‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬مقدار‭ ‬أنملة،‭ ‬ولا‭ ‬تضاهي‭ ‬المبالغ‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تصرف‭ ‬على‭ ‬العلاج‭ ‬نتيجة‭ ‬الأغذية‭ ‬غير‭ ‬الصحية،‭ ‬والمشبعة‭ ‬بالكيميائيات،‭ ‬وما‭ ‬قد‭ ‬تحوي‭ ‬من‭ ‬سموم‭ ‬بطيئة‭ ‬التأثير،‭ ‬قد‭ ‬تزهق‭ ‬الأرواح‭ ‬أو‭ ‬تؤول‭ ‬بأصحابها‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات،‭ ‬ومشاوير‭ ‬العلاج‭ ‬الشاقة‭ ‬الطويلة‭.‬

من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يتقيد‭ ‬الإنسان‭ - ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الكميات‭ ‬الهائلة‭ ‬من‭ ‬نتاجات‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة‭ ‬والمصنعة‭ ‬من‭ ‬حولنا‭ - ‬بالتغذية‭ ‬السليمة‭ ‬والصحية،‭ ‬وأن‭ ‬يلزم‭ ‬أبناءه‭ ‬بذلك،‭ ‬ونحن‭ ‬بأمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إثراءٍ‭ ‬في‭ ‬ثقافتنا‭ ‬وسلوكياتنا‭ ‬الغذائية،‭ ‬كباراً‭ ‬قبل‭ ‬الصغار،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬إدراكنا‭ ‬لحجم‭ ‬الخطر‭ ‬وعظم‭ ‬المسؤولية‭ ‬يأتي‭ ‬أولاً،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬محاولاتنا‭ ‬توجيه‭ ‬الأبناء،‭ ‬والوصول‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬إدراك‭ ‬موقن‭ ‬بضرورة‭ ‬اتباع‭ ‬الغذاء‭ ‬الصحي،‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬يُعد‭ ‬بمثابة‭ ‬الأمانة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نحملها‭ ‬على‭ ‬عواتقنا‭ ‬رغم‭ ‬صعوبتها،‭ ‬وألا‭ ‬نستهين‭ ‬أو‭ ‬نتهاون‭ ‬بها‭ ‬أبداً‭.‬