سوالف

روح المسؤولية وكلمة الحق

| أسامة الماجد

في‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬تاريخية‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يختبر‭ ‬الأديب‭ ‬العربي‭ ‬ويلقى‭ ‬بثقله‭ ‬في‭ ‬الميزان،‭ ‬ليرى‭ ‬الناس‭ ‬علو‭ ‬همته‭ ‬ورفعته‭ ‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬وطنه‭ ‬وأمته،‭ ‬هل‭ ‬سيقف‭ ‬بكل‭ ‬شجاعة‭ ‬أم‭ ‬سيتردد‭ ‬وينزوي‭ ‬ويتثاءب‭ ‬رطوبة‭ ‬الحياة‭ ‬وخمولها‭.‬

المطلوب‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬يعي‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬العرب‭ ‬ضرورة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأوطان،‭ ‬وأن‭ ‬يواكبوا‭ ‬ذلك‭ ‬ويدفعوه‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يملكون‭ ‬من‭ ‬قوة،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬جدارتهم‭ ‬كأدباء‭ ‬وكتاب‭ ‬وحسب،‭ ‬إنما‭ ‬أيضا‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬كمواطنين‭ ‬حقيقيين،‭ ‬شرفاء‭ ‬في‭ ‬انتمائهم‭ ‬إلى‭ ‬مجتمعهم‭ ‬العربي‭.‬

ذات‭ ‬يوم‭ ‬قال‭ ‬الشاعر‭ ‬الروسي‭ ‬“نكراسكوف”‭ ‬بوسعك‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬شاعرا،‭ ‬لكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مواطنا،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬وحده‭ ‬يتجلى‭ ‬اليوم‭ ‬شرف‭ ‬الكلمة،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬جميعا‭ ‬كمواطنين‭ ‬منتمين‭ ‬إلى‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬أخطر‭ ‬مراحل‭ ‬دفاعها‭ ‬عن‭ ‬وجودها‭ ‬وبقائها‭ ‬ومستقبلها‭ ‬سلاحا‭ ‬آخر‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تقاتل‭ ‬بها‭ ‬أمتنا‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬ضد‭ ‬أعدائنا‭.‬

وبات‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬نفصل‭ ‬ودون‭ ‬حياء‭ ‬أو‭ ‬خجل‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬وطني‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬خائن،‭ ‬فعلى‭ ‬الأديب‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الذي‭ ‬يختاره،‭ ‬أما‭ ‬الصمت‭ ‬والانزواء‭ ‬والفرار‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬والثرثرة‭ ‬في‭ ‬الندوات‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬إطلاقا،‭ ‬ومحاولة‭ ‬إقناع‭ ‬الذات‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬السلوك‭ ‬الوهمي‭ ‬وفرار‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وقد‭ ‬تصل‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الجبن‭ ‬والتواطؤ‭.‬

أجل‭... ‬فقد‭ ‬أثبت‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬العرب‭ ‬بعد‭ ‬ولادة‭ ‬“الخراب‭ ‬العربي”‭ ‬أنهم‭ ‬بعيدون‭ ‬عن‭ ‬روح‭ ‬المسؤولية،‭ ‬والمصيبة‭ ‬أنهم‭ ‬وقفوا‭ ‬مع‭ ‬الإرهاب‭ ‬وتعاطفوا‭ ‬بالتحمس‭ ‬والانفعال‭ ‬مع‭ ‬“الخراب‭ ‬والدمار‭ ‬العربي”‭ ‬وساروا‭ ‬ببطء‭ ‬وتثاقل‭ ‬وبعين‭ ‬واحدة‭ ‬نحو‭ ‬واجبهم‭ ‬الوطني،‭ ‬وهناك‭ ‬أمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬عن‭ ‬تمايل‭ ‬وترنح‭ ‬بعض‭ ‬الأدباء‭ ‬وخوفهم‭ ‬من‭ ‬كتابة‭ ‬كلمة‭ ‬الحق‭ ‬وركوبهم‭ ‬موجة‭ ‬“الخراب‭ ‬العربي”‭ ‬والاندفاع‭ ‬في‭ ‬تيارها‭.‬