وَخْـزَةُ حُب

انتبه... تناولك الطعام يكشف شخصيتك!

| د. زهرة حرم

يعشق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬تحليل‭ ‬الشخصيات،‭ ‬ويجربون‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬تساعدهم‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬ذواتهم‭ ‬والآخرين‭ ‬حولهم؛‭ ‬ممن‭ ‬يعنيهم‭ ‬أمرهم؛‭ ‬لسبب‭ ‬أو‭ ‬لآخر‭! ‬لذلك‭ ‬يلجأ‭ ‬بعضهم‭ ‬إلى‭ ‬كتب‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي،‭ ‬واختبارات‭ ‬الشخصية‭ ‬والسلوك‭ ‬البشري،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يجري‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬نحو‭ ‬عوالم‭ ‬الأبراج‭ ‬الفلكية،‭ ‬وبطاقات‭ ‬التاروت،‭ ‬وقراءة‭ ‬الفناجين،‭ ‬و‭(‬الوَدَع‭)! ‬وأيا‭ ‬تكن‭ ‬الوسائل؛‭ ‬علمية‭ ‬رصينة‭ ‬أو‭ ‬غيبية‭ ‬مشكوكًا‭ ‬فيها‭ ‬علميًا؛‭ ‬فإن‭ ‬المرء‭ ‬منا؛‭ ‬مشغول‭ ‬جدا؛‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬نفسه؛‭ ‬وعمن‭ ‬يهتم‭ ‬به؛‭ ‬كيف‭ ‬يفكر؟‭ ‬وماذا‭ ‬يحب؟‭ ‬وكيف‭ ‬يتأثر‭... ‬إلى‭ ‬آخره‭ ‬من‭ ‬تساؤلات‭ ‬وأبواب‭ ‬فضول‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭!‬

هناك‭ ‬طريقة‭ ‬لم‭ ‬يلتفت‭ ‬إليها‭ ‬معظمنا،‭ ‬وهي‭ ‬متعلقة‭ ‬بتناول‭ ‬الطعام‭! ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لأول‭ ‬وهلة‭ ‬مضحكا؛‭ ‬لكنه‭ ‬–‭ ‬صَدق‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تُصدق‭ ‬–‭ ‬مفتاحٌ‭ ‬للولوج‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬الآخر،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬شخصيتك‭ ‬أنت‭! ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عليك‭ ‬هو‭ ‬مراقبة‭ ‬الآخر‭ ‬حين‭ (‬يأكل‭)! ‬ماذا‭ ‬يختار؟‭ ‬كمية‭ ‬ما‭ ‬يختاره‭! ‬طريقة‭ ‬تناوله‭ ‬الطعام‭! ‬بصوت‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬ينهي‭ ‬طعامه‭ ‬بسرعة‭ ‬أم‭ ‬بتأنٍ‭ ‬وبطء‭!‬؟‭ ‬يشرب‭ ‬بين‭ ‬المضغة‭ ‬والأخرى‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬يتكلم‭ ‬كثيرا‭ ‬أثناء‭ ‬المضغ‭ ‬أو‭ ‬يصمت‭ ‬لينهي‭ ‬لقمته؟‭ ‬يخلط‭ ‬الحابل‭ ‬بالنابل؛‭ ‬أي‭ ‬يمزج‭ ‬الطعام‭ ‬ببعضه‭ ‬بعضًا؛‭ ‬أو‭ ‬يتناول‭ ‬كل‭ ‬صنف‭ ‬على‭ ‬حدة؟‭ ‬وجوانب‭ ‬كثيرة‭ ‬جدا‭ ‬هي‭ ‬مفتاح‭ ‬سهل‭ ‬وسريع‭ ‬لكشف‭ ‬الآخر،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكلف‭ ‬نفسك‭ ‬مالا،‭ ‬أو‭ ‬تجهد‭ ‬نفسك‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المسائل‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تستهويك‭.‬

دعونا‭ ‬نجرب‭ ‬التحليل،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬بدعة‭ ‬اكتُشفت‭ ‬مؤخرا؛‭ ‬فالمسألة‭ ‬متعلقة‭ ‬بما‭ ‬نسميه‭ ‬لغة‭ ‬الجسد؛‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬هي‭ (‬تناول‭ ‬الطعام‭). ‬لنبدأ‭:‬‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يختاره‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬طعام،‭ ‬يُنبئ‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬الشخص؛‭ ‬عادية‭ ‬أو‭ ‬استكشافية؛‭ ‬فإن‭ ‬اختار‭ ‬المُتعارف‭ ‬عليه؛‭ ‬فهو‭ ‬تقليدي؛‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬الراحة‭ ‬والاستكانة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موجود،‭ ‬ومعروف،‭ ‬ويخشى‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُحمد‭ ‬عقباها،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬اختار‭ ‬صنفا‭ ‬غريبًا؛‭ ‬فهو‭ ‬مغامر،‭ ‬عاشق‭ ‬للتجارب؛‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تعجبه؛‭ ‬يكفيه‭ ‬التجريب‭! ‬طريقة‭ ‬تناوله‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬أدب‭ ‬أو‭ ‬ذوق،‭ ‬أو‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬الآخر‭ ‬بأنني‭ ‬أريحيّ،‭ ‬غير‭ ‬متحفظ‭ ‬أو‭ ‬مُتكلف،‭ ‬أو‭ ‬اجتماعي،‭ ‬وقِس‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬إصدار‭ ‬الصوت‭ ‬أو‭ ‬التكلم‭ ‬أثناء‭ ‬المضغ‭! ‬أما‭ ‬السرعة‭ ‬فتفضح‭ ‬حالة‭ ‬العجلة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها؛‭ ‬ونمط‭ ‬الحياة‭ ‬المتسارع،‭ ‬والإحساس‭ ‬بقصر‭ ‬الوقت،‭ ‬والتهافت‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬اللاحقة،‭ ‬وقد‭ ‬تدل‭ ‬حالة‭ ‬مزج‭ ‬الأصناف‭ ‬على‭ ‬اضطراب‭ ‬وعدم‭ ‬اتزان،‭ ‬وربما‭ ‬خجل‭ ‬مستور‭!‬

المهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬كله،‭ ‬أن‭ ‬ينتبه‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬تناوله‭ ‬طعامه‭! ‬ليكن‭ ‬بوعيّ،‭ ‬وإدراك؛‭ ‬فسلوكك‭ ‬أثناءهُ‭ ‬كاشف‭ ‬فاضح؛‭ ‬قد‭ ‬يقربك‭ ‬من‭ ‬الآخر،‭ ‬وقد‭ ‬يبعدك‭ ‬نهائيًا‭. ‬تعلّم‭ ‬مفاتيحه؛‭ ‬فماذا‭ ‬ستخسر؟‭!.‬