فجر جديد

النائب “الغلبان”

| إبراهيم النهام

لا‭ ‬يكاد‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬إلا‭ ‬وخرج‭ ‬لنا‭ ‬نائب‭ ‬بصيحة‭ ‬“المناشدة”‭ ‬و‭ ‬“التأمل”‭ ‬و‭ ‬“التمني”‭ ‬لملفات‭ ‬وقضايا‭ ‬تهم‭ ‬المواطن‭ ‬وتصب‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬حياته‭ ‬ويومياته‭ ‬واهتماماته‭.‬

هذه‭ ‬الصيحة‭ ‬العجيبة‭ ‬يصاحبها‭ ‬أمر‭ ‬آخر،‭ ‬وهو‭ ‬“كبشرة”‭ ‬المناشدة،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬صادرة‭ ‬ببيان‭ ‬بصحيفة،‭ ‬أو‭ ‬بتغريدة‭ ‬في‭ ‬“تويتر”،‭ ‬أو‭ ‬بـ‭ ‬“بوست”‭ ‬على‭ ‬“الانستغرام”،‭ ‬وإرسالها‭ ‬لأبناء‭ ‬الدائرة؛‭ ‬بقصد‭ ‬توصيل‭ ‬الصوت‭ ‬لهم‭ ‬عن‭ ‬“الموقف‭ ‬البطولي”‭.‬

ما‭ ‬يجري‭ ‬ببساطة‭ ‬يعكس‭ ‬وبأسف‭ ‬حال‭ ‬“الغلبة”‭ ‬كما‭ ‬يقولها‭ ‬إخواننا‭ ‬المصريون‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬بعض‭ ‬النواب،‭ ‬وهي‭ ‬“غلبة”‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬“غلبة”‭ ‬المواطن‭ ‬الفقير،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬تزيد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات،‭ ‬وتسوء،‭ ‬وتقدم‭ - ‬بالمجمل‭ - ‬دروسا‭ ‬في‭ ‬الاستعطاف‭ ‬والضعف‭ ‬وقلة‭ ‬الحيلة‭.‬

هل‭ ‬يجهل‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬طبيعة‭ ‬مهامهم؟‭ ‬هل‭ ‬يتجاهلونها؟‭ ‬هل‭ ‬يتعمدون‭ ‬عدم‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مواجهات‭ ‬“من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم”‭ ‬قد‭ ‬تضعف‭ ‬حظوظهم‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة؟‭ ‬هل‭ ‬يحاولون‭ ‬تحوير‭ ‬مهام‭ ‬عملهم‭ ‬التشريعي‭ ‬إلى‭ ‬حملات‭ ‬تسويق‭ ‬علاقات‭ ‬عامة‭ ‬مع‭ ‬الناخبين؟‭ ‬نعم،‭ ‬وأؤكد‭ ‬لكم‭ ‬ذلك‭ ‬بالعشرة‭.‬

فمع‭ ‬انقضاء‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬البرلمان‭ ‬الحالي،‭ ‬تكشفت‭ ‬وبوضوح‭ ‬“خامات”‭ ‬نواب‭ ‬المجلس‭ ‬الجديد،‭ ‬وتوجهاتهم،‭ ‬وقدراتهم‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬تتخطى‭ ‬ما‭ ‬صدحوا‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬خيامهم‭ ‬وبرامجهم‭ ‬الانتخابية،‭ ‬فالميدان‭ ‬هو‭ ‬الفيصل‭ ‬بنهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يحدد‭ ‬بالفعل،‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬النائب؟‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬ناوٍ‭ ‬عليه؟‭ ‬وما‭ ‬سقف‭ ‬التوقعات‭ ‬منه؟

وأذكرهم‭ ‬بمساحة‭ ‬المقال‭ ‬الصغيرة‭ ‬هذه‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬قسما‭ ‬أديتموه‭ ‬أمام‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لغيره،‭ ‬هنالك‭ ‬وعي‭ ‬شعبي،‭ ‬ونضوج‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬وفهم،‭ ‬هنالك‭ ‬إدراك‭ ‬للحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬والمتطلبات‭ ‬يعيه‭ ‬المواطنون‭ ‬لحالهم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الصعب،‭ ‬فكونوا‭ ‬جديرين‭ ‬بثقة‭ ‬أبناء‭ ‬بلدكم،‭ ‬وأوفوا‭ ‬بعهودكم،‭ ‬وأصدقوا‭ ‬أنفسكم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصدقوا‭ ‬غيركم،‭ ‬وإلى‭ ‬لقاء‭ ‬قريب‭.‬