لمحات

استثمار المواهب

| د.علي الصايغ

هناك‭ ‬حاجة‭ ‬ملحة‭ ‬إلى‭ ‬جهات‭ ‬وحاضنات‭ ‬ترعى‭ ‬الموهوبين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬وتخصصات‭ ‬عدة،‭ ‬ولا‭ ‬أعني‭ ‬التخصصات‭ ‬التي‭ ‬دأبت‭ ‬محاولاتنا‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها،‭ ‬مثل‭ ‬الرياضات‭ ‬المختلفة،‭ ‬والموسيقى،‭ ‬والرسم،‭ ‬ومؤخراً‭ ‬ما‭ ‬يتصل‭ ‬بعلوم‭ ‬الروبوت‭ (‬الإنسان‭ ‬الآلي‭) ‬والفضاء،‭ ‬بل‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المواهب‭ ‬النادرة،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬طاعنة‭ ‬في‭ ‬التخصص،‭ ‬نستثمر‭ ‬بها‭ ‬إبداعات‭ ‬ومواهب‭ ‬لا‭ ‬متناهية،‭ ‬تخدم‭ ‬رعايتها‭ ‬الوطن،‭ ‬وتنشئ‭ ‬جيلاً‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬ثورة‭ ‬التطورات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬منا‭ ‬مستهلكين،‭ ‬وربما‭ ‬مستهلكين‭ ‬سيئين‭ ‬بقدر‭ ‬أكبر‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬والابتكارات‭ ‬والاختراعات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬تحدٍ‭ ‬كبير‭ ‬جداً،‭ ‬إن‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نؤسس‭ ‬لجيل‭ ‬مقبل‭ ‬مؤثر‭ ‬وقوي،‭ ‬يحمل‭ ‬راية‭ ‬الوطن‭ ‬عن‭ ‬ثقة‭ ‬وجدارة،‭ ‬مستثمرين‭ ‬بهم‭ ‬قدراتهم‭.‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬منهجية‭ ‬استثمارنا‭ ‬الموهوبين،‭ ‬والطريقة‭ ‬التي‭ ‬أردنا‭ ‬بها‭ ‬رعايتهم‭ ‬واستثمار‭ ‬قدراتهم،‭ ‬فإن‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص،‭ ‬فهناك‭ ‬مواهب‭ ‬لا‭ ‬نمتلك‭ ‬حقيقة‭ ‬المختص‭ ‬برعايتها‭ ‬واستثمارها،‭ ‬إنما‭ ‬قد‭ ‬نكتفي‭ ‬بتشجيعها،‭ ‬وهي‭ ‬مشكلة‭ ‬حقيقية‭ ‬تواجه‭ ‬بعض‭ ‬أُسر‭ ‬الموهوبين‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القصور،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ماهية‭ ‬برامج‭ ‬استثمار‭ ‬المواهب‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬الموهبة،‭ ‬ورسم‭ ‬طريق‭ ‬رعايتها‭ ‬بشكل‭ ‬سليم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يُشكل‭ ‬فيه‭ ‬أي‭ ‬هدر‭ ‬لوقت‭ ‬استثمار‭ ‬هذه‭ ‬المواهب‭ ‬خسارةً‭ ‬فادحةً‭.‬

إننا‭ ‬لسنا‭ ‬بصدد‭ ‬حصر‭ ‬المواهب‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬المعرفية‭ ‬والابتكار‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬لتشمل‭ ‬مواهب‭ ‬غير‭ ‬مألوفة،‭ ‬بما‭ ‬قد‭ ‬يتسم‭ ‬به‭ ‬الموهوب‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬مغايرة‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬الآخرين،‭ ‬وقد‭ ‬تتجلى‭ ‬كمنحة‭ ‬ربانية،‭ ‬قل‭ ‬نظيرها،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬نادرة‭ ‬الوجود،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬حالة‭ ‬تستحق‭ ‬منا‭ ‬الالتفات‭ ‬والاهتمام‭ ‬بوضع‭ ‬البرامج‭ ‬والمختصين‭ ‬لتنميتها‭ ‬واستثمارها‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬المصلحة‭ ‬الخاصة‭ ‬للموهوب،‭ ‬والعامة‭ ‬للمجتمع‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليه‭.‬