عن الشهادات المزورة.. ”دودهو من دودهك”!

| سعيد محمد

شخصيًا،‭ ‬وأظن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬حال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬“مثلي”،‭ ‬ينطبق‭ ‬علينا‭ ‬المثل‭ ‬أو‭ ‬العبارة‭ ‬الشعبية‭ ‬البحرينية‭ ‬“دودهو‭ ‬من‭ ‬دودهك‭ ‬من‭ ‬طقك”‭ ‬وفي‭ ‬صيغة‭ ‬أخرى‭ ‬”من‭ ‬دودهك‭ ‬من‭ ‬اشدخك”‭.. ‬في‭ ‬شأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬والموضوعات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجري‭ ‬بشأنها‭ ‬وكيف‭ ‬ومتى‭ ‬ولماذا‭ ‬و‭ ‬”حقويش”‭! ‬ومنها‭ ‬قضية‭ ‬الشهادات‭ ‬المزورة‭ ‬بكل‭ ‬أبعادها‭ ‬الخطيرة‭.‬

بالطبع،‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحقيق‭ ‬والتدقيق‭ ‬والمراجعة‭ ‬واستخدام‭ ‬الأدوات‭ ‬القانونية‭ ‬“إحقاقًا‭ ‬للحق”،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ألا‭ ‬يتم‭ ‬إطلاع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وحين‭ ‬عن‭ ‬تطورات‭ ‬ونتائج‭ ‬التحقيقات‭ ‬ومعاقبة‭ ‬من‭ ‬تورطوا‭ ‬في‭ ‬تزوير‭ ‬الشهادات،‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬موقعهم‭ ‬ومنصبهم،‭ ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬الممارسات‭ ‬“المدمرة”‭ ‬لمسيرة‭ ‬نهوض‭ ‬الوطن‭ ‬وتقدمه،‭ ‬ولو‭ ‬أعدنا‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬الصحفية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬سنكون‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬من‭ ‬أمرنا‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬التراخي‭ ‬رغم‭ ‬صدور‭ ‬توجيهات‭ ‬عليا‭ ‬لاتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬ضد‭ ‬من‭ ‬يثبت‭ ‬تورطهم‭.‬

لنتتبع‭ ‬بعض‭ ‬التصريحات،‭ ‬ففي‭ ‬21‭ ‬أغسطس‭ ‬2018،‭ ‬قرأنا‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬أن‭ ‬“النيابة‭ ‬العامة‭ ‬لم‭ ‬تتلق‭ ‬بلاغات‭ ‬تتعلق‭ ‬بتوجيه‭ ‬اتهامات‭ ‬لحاملي‭ ‬شهادات‭ ‬دراسية‭ ‬مزورة،‭ ‬وأن‭ ‬آخر‭ ‬بلاغ‭ ‬أحيل‭ ‬إليها‭ ‬بشأن‭ ‬ملف‭ ‬الشهادات‭ ‬المزورة‭ ‬كان‭ ‬منذ‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تلقت‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بلاغًا‭ ‬ضد‭ ‬إحدى‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬بتهم‭ ‬التزوير‭ ‬في‭ ‬المحررات‭ ‬الرسمية‭ ‬وهي‭ ‬شهادات‭ ‬التصديق‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬وكذلك‭ ‬ارتكاب‭ ‬تزوير‭ ‬في‭ ‬محررات‭ ‬خاصة‭ ‬هي‭ ‬كشوفات‭ ‬درجات‭ ‬الطلبة‭ ‬واستعمال‭ ‬تلك‭ ‬المحررات‭ ‬المزورة،‭ ‬وباشرت‭ ‬تحقيقاتها”‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬أغسطس‭ ‬2018،‭ ‬فقد‭ ‬قرأنا‭ ‬تصريحات‭ ‬لرئيس‭ ‬لجنة‭ ‬الاعتماد‭ ‬الأكاديمي‭ ‬منى‭ ‬محمد‭ ‬البلوشي‭ ‬فيها‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬حرص‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬التوجيهات‭ ‬الكريمة‭ ‬لسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬موضع‭ ‬التنفيذ،‭ ‬وصرامة‭ ‬الوزارة‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬ستتخذها‭ ‬تجاه‭ ‬موضوع‭ ‬الشهادات،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حصر‭ ‬حالات‭ ‬الشهادات‭ ‬التي‭ ‬أثيرت‭ ‬حولها‭ ‬شبهة‭ ‬منحها‭ ‬من‭ ‬جامعات‭ ‬غير‭ ‬معترف‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬والتحقق‭ ‬ممن‭ ‬ثبت‭ ‬حصولهم‭ ‬عليها‭ ‬واستخدموها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬امتيازات‭ ‬في‭ ‬مواقعهم‭ ‬الوظيفية‭.‬

في‭ ‬ذات‭ ‬الشهر،‭ ‬وبتاريخ‭ ‬29‭ ‬أغسطس،‭ ‬قرأنا‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬أبلغت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬الأعوام‭ ‬السابقة‭ ‬وحتى‭ ‬فبراير‭ ‬2018‭ ‬عن‭ ‬محاولة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬اعتماد‭ ‬إجراءات‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مؤهلات‭ ‬علمية‭ ‬دون‭ ‬استيفائها‭ ‬القواعد‭ ‬والشروط‭ ‬المقررة،‭ ‬وقد‭ ‬أسفرت‭ ‬التحقيقات‭ ‬التي‭ ‬بوشرت‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬عن‭ ‬إحالة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المتهمين‭ ‬للمحاكمة‭ ‬الجنائية‭.‬

وعلمنا‭ ‬أن‭ ‬اللجنة‭ ‬المختصة‭ ‬ستتعامل‭ ‬مع‭ ‬الحالات‭ ‬المخالفة‭ ‬فور‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عنها،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬وهي‭ ‬وزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬والسياحة،‭ ‬ووزارة‭ ‬العمل‭ ‬والشئون‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية،‭ ‬وهيئة‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬واللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتقويم‭ ‬المؤهلات‭ ‬العلمية‭ ‬ولجانها‭ ‬الفنية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬لجان‭ ‬مزاولة‭ ‬المهن‭ ‬كاللجان‭ ‬الطبية‭ ‬والهندسية‭.. ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬معاقبة‭ ‬المتورطين‭.‬