“الهدوء قبل العاصفة” أو إطالة “التصعيد المضبوط”؟ (3)

| راغدة درغام

عارضت‭ ‬إيران‭ ‬سعي‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬لاستيعاب‭ ‬“الحشد‭ ‬الشعبي”‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬التابعة‭ ‬للدولة‭ ‬العراقية‭ ‬كي‭ ‬تكون‭ ‬مرجعيته‭ ‬بغداد‭ ‬وليس‭ ‬إيران،‭ ‬وعطّلت‭ ‬طهران‭ ‬المساعي‭ ‬العراقية‭ ‬الحكومية‭ ‬كي‭ ‬تبقي‭ ‬على‭ ‬منطق‭ ‬توسّعها‭ ‬إقليمياً‭ ‬كحق‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬جيوش‭ ‬غير‭ ‬نظامية‭ ‬وميليشيات‭ ‬تابعة‭ ‬لها،‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬فوائد‭ ‬تواجد‭ ‬الأذرعة‭ ‬الإيرانية‭ ‬قرب‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬خطير‭ ‬جداً‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قررت‭ ‬طهران‭ ‬رفع‭ ‬سقف‭ ‬المواجهة،‭ ‬لذلك‭ ‬اتخذت‭ ‬القيادة‭ ‬الأميركية‭ ‬قرار‭ ‬تحصين‭ ‬قواتها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وتعزيز‭ ‬تواجدها‭ ‬في‭ ‬قاعدة‭ ‬“تنف”‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬5000‭ ‬عنصر‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬وعود‭ ‬سحب‭ ‬القوات،‭ ‬فواشنطن‭ ‬واعية‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬ذهن‭ ‬طهران‭ ‬وهي‭ ‬تتأهب‭ ‬وتتّخذ‭ ‬استعداداتها‭.‬

في‭ ‬لبنان،‭ ‬دخلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬تبيّن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬خطة‭ ‬“حزب‭ ‬الله”‭ ‬وحلفائه‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬أتت‭ ‬بتنسيق‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬وهدفها‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة،‭ ‬وإحداث‭ ‬انهيار‭ ‬مالي‭ ‬واقتصادي‭ ‬مؤسساتي،‭ ‬وإسقاط‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬ليكون‭ ‬في‭ ‬المتناول‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة‭ ‬ذات‭ ‬لون‭ ‬واحد‭ ‬عنوانها‭ ‬المواجهة،‭ ‬ووجهتها‭ ‬إيران‭. ‬أدوات‭ ‬“حزب‭ ‬الله”‭ ‬هدفها‭ ‬الإخضاع‭ ‬والإقصاء‭ ‬والتدجين‭ ‬والانهيار،‭ ‬فحزب‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬يبالي‭ ‬بالانهيار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المؤسساتي‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الانهيار‭ ‬في‭ ‬مصلحته‭ ‬لأن‭ ‬الحزب‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬آليات‭ ‬مالية‭ ‬خارج‭ ‬البنوك،‭ ‬أما‭ ‬امتلاكه‭ ‬الحكم‭ ‬رسمياً‭ ‬عبر‭ ‬حكومة‭ ‬موالية‭ ‬قطعاً‭ ‬تقصي‭ ‬عنها‭ ‬أية‭ ‬قوى‭ ‬معارضة،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يمكّنه‭ ‬من‭ ‬تقزيم‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية‭ ‬المفروضة‭ ‬عليه‭ ‬وربما‭ ‬لاحقاً‭ ‬على‭ ‬حلفائه،‭ ‬لذلك‭ ‬وصف‭ ‬حلفاؤه‭ ‬بيان‭ ‬السفارة‭ ‬الأميركية‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬دعم‭ ‬واشنطن‭ ‬“المراجعة‭ ‬القضائية‭ ‬العادلة‭ ‬والشفافة‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تدخل‭ ‬سياسي”‭ ‬في‭ ‬حادثة‭ ‬“قبرشمون”‭ ‬التي‭ ‬تحوّلت‭ ‬إلى‭ ‬حملة‭ ‬سياسية‭ ‬لإقصاء‭ ‬المعارضين‭ ‬لـ‭ ‬“حزب‭ ‬الله”،‭ ‬وصفوه‭ ‬بأنه‭ ‬“وقاحة‭ ‬بلا‭ ‬تأثير”‭.‬

لكن‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية‭ ‬لن‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬“حزب‭ ‬الله”،‭ ‬إنما‭ ‬قد‭ ‬تطال‭ ‬حلفاءه‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدائرة‭ ‬الصغيرة‭ ‬المقربة‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬وصهره‭ ‬وربما‭ ‬تطالهما‭ ‬أو‭ ‬أحدهما،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬واعية‭ ‬لأدوات‭ ‬ووسائل‭ ‬التفاف‭ ‬“حزب‭ ‬الله”‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬واستقلاله‭ ‬المؤسساتي‭ ‬واعتماده‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬محلية‭ ‬وإقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬معقّدة‭ ‬لتمويل‭ ‬احتياجاته،‭ ‬وهي‭ ‬تستعد‭ ‬لإجراءات‭ ‬احتواء‭ ‬الالتفاف‭.‬

فالمعارك‭ ‬بين‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬وبين‭ ‬القيادة‭ ‬الفعلية‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬المتمثلة‭ ‬بـ‭ ‬“الحرس‭ ‬الثوري”‭ ‬معارك‭ ‬متعددة‭ ‬إقليمياً‭ ‬وفي‭ ‬البحار‭. ‬“إيلاف”‭.‬