ياسمينيات

400 دينار!

| ياسمين خلف

تقول‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬إحصائية‭ ‬لها‭ ‬إن‭ ‬32‭ % ‬من‭ ‬البحرينيين‭ ‬المؤمن‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬رواتبهم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬دينار‭ ‬بحريني،‭ ‬إذ‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬200‭ ‬إلى‭ ‬399‭ ‬دينارا،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬تشكل‭ ‬نحو‭ ‬ثلث‭ ‬البحرينيين‭! ‬هذا‭ ‬الثلث‭ ‬يعني‭ ‬الموظفين،‭ ‬وما‭ ‬احتسب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬يعولون‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬أسرهم،‭ ‬والذين‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬يترتب‭ ‬مستواهم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬تبعاً‭ ‬لمستوى‭ ‬راتب‭ ‬معيلهم،‭ ‬يجوز‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬نصف‭ ‬البحرينيين‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬دخل‭ ‬400‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭ ‬فقط‭. ‬

نحتاج‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬“محاسب‭ ‬شاطر”‭ ‬ليدبر‭ ‬لنا‭ ‬معيشة‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الراتب‭ ‬المحترم،‭ ‬إيجار‭ ‬السكن،‭ ‬“ماجلة”‭ ‬المنزل،‭ ‬فاتورة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬والعداد‭ ‬الجديد،‭ ‬فواتير‭ ‬الهواتف،‭ ‬مصاريف‭ ‬الأعياد،‭ ‬مستلزمات‭ ‬المدارس،‭ ‬مصاريف‭ ‬السيارة‭ ‬والمواصلات،‭ ‬علاج‭ ‬وأدوية،‭ ‬ولك‭ ‬أن‭ ‬تضم‭ ‬للقائمة‭ ‬باقي‭ ‬المصروفات‭ ‬والالتزامات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها،‭ ‬ولا‭ ‬تنسى‭ ‬الضرائب‭ ‬التي‭ ‬فوقها،‭ ‬وما‭ ‬وراءها‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأسعار،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬القروض‭.  ‬والهيئة‭ ‬تقر‭ ‬كذلك‭ ‬بأن‭ ‬42‭ ‬ألف‭ ‬بحريني‭ ‬والذين‭ ‬رواتبهم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬دينار،‭ ‬يقابلهم‭ ‬19‭ ‬ألف‭ ‬أجنبي‭ ‬يتقاضون‭ ‬رواتب‭ ‬تفوق‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭! ‬ومازلت‭ ‬في‭ ‬حيرتي‭ ‬التي‭ ‬تجعلني‭ ‬أتساءل‭ ‬بتعجب‭: ‬ما‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬الوظائف‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشغلها‭ ‬الأجنبي‭ ‬بهذا‭ ‬الراتب‭ ‬“الراهي”‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬المواطن‭ ‬أن‭ ‬يشغلها؟‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬التخصصات‭ ‬الفذة‭ ‬والشهادات‭ ‬العليا‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬أصحاب‭ ‬العيون‭ ‬الزرق‭ ‬ولا‭ ‬يمتلكها‭ ‬البحريني؟‭ ‬هناك‭ ‬5028‭ ‬عاطلا‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬حملة‭ ‬الشهادات‭ ‬العليا‭ ‬من‭ ‬ماجستير‭ ‬ودكتوراه،‭ ‬وهناك‭ ‬آلاف‭ ‬آخرون‭ ‬جامعيون‭ ‬شهاداتهم‭ ‬معلقة‭ ‬على‭ ‬جدرانهم‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬وحفت‭ ‬أرجلهم‭ ‬ذهاباً‭ ‬وإياباً‭ ‬لوزارة‭ ‬العمل‭ ‬وهم‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬شاغر‭ ‬يكفيهم‭ ‬ذل‭ ‬السؤال‭ ‬ولا‭ ‬بارقة‭ ‬أمل‭. ‬

هل‭ ‬لأن‭ ‬فكرة‭ ‬البحرنة‭ ‬لا‭ ‬تلائم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني؟‭ ‬أم‭ ‬لأن‭ ‬فرض‭ ‬نسبة‭ ‬البحرنة‭ ‬ليس‭ ‬دائماً‭ ‬الخيار‭ ‬الصحيح؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إلزام‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬بتوظيف‭ ‬البحريني‭ ‬كأولوية؟‭ ‬كما‭ ‬صرح‭ ‬المسؤولون‭! ‬لا‭ ‬نحتاج‭ ‬أن‭ ‬نكرر‭ ‬ونقول‭ ‬إن‭ ‬البحريني‭ ‬أثبت‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الميادين،‭ ‬وأنه‭ ‬مفخرة‭ ‬أينما‭ ‬حل،‭ ‬ويملك‭ ‬ما‭ ‬يملكه‭ ‬الآخرون‭ ‬من‭ ‬شهادات،‭ ‬وخبرة‭ ‬وإمكانيات‭ ‬ويفوقهم،‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يثق‭ ‬به،‭ ‬ويشجعه‭ ‬ويقدره‭. ‬

ياسمينة‭:

‬يستحق‭ ‬البحريني‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬حياة‭ ‬أفضل‭.‬