هل يعود اليمن إلى ما قبل 1990؟

| بدور عدنان

في‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬اتحد‭ ‬شمال‭ ‬وجنوب‭ ‬اليمن،‭ ‬وأعلن‭ ‬في‭ ‬حينها‭ ‬قيام‭ ‬الجمهورية‭ ‬اليمنية‭ ‬العربية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬العقبات‭ ‬التي‭ ‬واجهها‭ ‬الاتحاد‭ ‬تمكن‭ ‬اليمن‭ ‬بشطريه‭ ‬من‭ ‬الصمود‭ ‬طيلة‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬لنزاع‭ ‬مسلح‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬كثيرة،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تغليب‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬طغى‭ ‬دائماً‭ ‬على‭ ‬النزعات‭ ‬القبلية‭ ‬عند‭ ‬الإخوة‭ ‬اليمنيين‭.‬

مرة‭ ‬أخرى‭ ‬يعود‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬انفصال‭ ‬الجنوب‭ ‬عن‭ ‬الشمال‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬تحت‭ ‬ظروف‭ ‬أشد‭ ‬وطأة‭ ‬حيث‭ ‬تقود‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬تحالفاً‭ ‬ضد‭ ‬الحوثي‭ ‬المدعوم‭ ‬من‭ ‬طهران،‭ ‬والذي‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬الفتنة‭ ‬بين‭ ‬الجماعتين‭ ‬بعد‭ ‬مقتل‭ ‬القيادي‭ ‬الجنوبي‭ ‬منير‭ ‬اليافعي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬32‭ ‬عنصرا‭ ‬أمنيا‭ ‬خلال‭ ‬استهداف‭ ‬معسكر‭ ‬الجلاء‭ ‬التابع‭ ‬لقوات‭ ‬الحزام‭ ‬الأمني‭.‬

المجلس‭ ‬الانتقالي‭ ‬الجنوبي‭ ‬ألقى‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬خلايا‭ ‬دخلت‭ ‬العاصمة‭ ‬المؤقتة‭ ‬“عدن”‭ ‬وتغلغلت‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬الشرعية‭ ‬وتواطأت‭ ‬مع‭ ‬الحوثي،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تضيع‭ ‬بوصلة‭ ‬العدو‭ ‬لتتقاتل‭ ‬الفصائل‭ ‬المتعاونة‭ ‬مع‭ ‬بعضها،‭ ‬مهددة‭ ‬بذلك‭ ‬جهود‭ ‬التحالف،‭ ‬حيث‭ ‬ينشغل‭ ‬اليمنيون‭ ‬بقتال‭ ‬داخلي‭ ‬عوضاً‭ ‬عن‭ ‬قتال‭ ‬الحوثي‭.‬

وكعادتها‭ ‬في‭ ‬لم‭ ‬الصف‭ ‬ووحدته،‭ ‬دعت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬أطراف‭ ‬الخلاف‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬اجتماع‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬النزاع‭ ‬وحله،‭ ‬واستقبل‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبوظبي‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬لتنسيق‭ ‬جهود‭ ‬التحالف‭ ‬وبحث‭ ‬مُجمل‭ ‬الأوضاع‭.‬

وهنا‭ ‬تجدر‭ ‬الإشادة‭ ‬بالمجلس‭ ‬الانتقالي‭ ‬الجنوبي،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يخفي‭ ‬نواياه‭ ‬الانفصالية،‭ ‬قرر‭ ‬الاستجابة‭ ‬لدعوة‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬أولية‭ ‬لم‭ ‬يقم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بالتصعيد‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬تُحسب‭ ‬له‭ ‬ويمكن‭ ‬قراءتها‭ ‬بإعادة‭ ‬توحيد‭ ‬الصفوف‭ ‬ضد‭ ‬الحوثي‭.‬

الحديث‭ ‬عن‭ ‬الانفصال‭ ‬أمر‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬لكن‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الآنية‭ ‬فإن‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬دحر‭ ‬العدو‭ ‬الحوثي‭ ‬أولوية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحياد‭ ‬عنها،‭ ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تنحية‭ ‬الخلافات‭ ‬الداخلية‭ ‬وإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬البيت‭ ‬الواحد‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الأول‭ ‬وهو‭ ‬دحر‭ ‬العميل‭ ‬الحوثي‭.‬