“الهدوء قبل العاصفة” أو إطالة “التصعيد المضبوط”؟ (2)

| راغدة درغام

روسيا‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬مؤثراً‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬وقد‭ ‬ترسل‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭ ‬مبعوثاً‭ ‬خاصاً‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬لتهدئة‭ ‬الوضع‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجراءين‭ ‬تتمناهما‭ ‬موسكو‭ ‬على‭ ‬طهران‭ ‬هما‭: ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬زيادة‭ ‬نسبة‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬والامتناع‭ ‬عن‭ ‬التعرّض‭ ‬إلى‭ ‬الناقلات‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭.‬

الرئيس‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬يحاول‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬الروسي‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬والنفوذ‭ ‬الفرنسي‭ ‬مع‭ ‬واشنطن،‭ ‬لكن‭ ‬فرنسا‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬نفوذ‭ ‬أوروبا‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬وإدارته‭ ‬محدود‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬الآلية‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬اخترعتها‭ ‬المجموعة‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬للتحايل‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية،‭ ‬فاصطدمت‭ ‬ببراغماتية‭ ‬أميركية‭ ‬وببراغماتية‭ ‬الشركات‭ ‬والبنوك‭ ‬الأوروبية‭ ‬وفي‭ ‬طليعتها‭ ‬الألمانية‭. ‬ماكرون‭ ‬سيجتمع‭ ‬مع‭ ‬المستشارة‭ ‬الألمانية‭ ‬أنغيلا‭ ‬ميركل‭ ‬قبل‭ ‬17‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري‭ ‬سعياً‭ ‬وراء‭ ‬تنسيق‭ ‬ألماني‭ ‬فرنسي‭ ‬قبل‭ ‬20‭ ‬آب،‭ ‬موعد‭ ‬الإنذارات‭ ‬المعنية‭ ‬بالآلية‭ ‬المالية،‭ ‬وسعياً‭ ‬وراء‭ ‬استراتيجية‭ ‬أوروبية‭ ‬قبل‭ ‬26‭ ‬آب،‭ ‬موعد‭ ‬اللقاء‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬السبع،‭ ‬وحسن‭ ‬روحاني‭ ‬يستعد‭ ‬لتبني‭ ‬مواقف‭ ‬أكثر‭ ‬تجانساً‭ ‬وتماشياً‭ ‬مع‭ ‬قيادة‭ ‬“الحرس‭ ‬الثوري”‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬حالياً‭ ‬بجانب‭ ‬مرشد‭ ‬الجمهورية‭ ‬خامنئي،‭ ‬المعلومات‭ ‬تفيد‭ ‬أن‭ ‬روحاني‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬عقد‭ ‬اجتماعات‭ ‬فائقة‭ ‬الأهمية‭ ‬مع‭ ‬قيادة‭ ‬“الحرس‭ ‬الثوري”‭ ‬وأن‭ ‬مواقف‭ ‬جديدة‭ ‬ستصدر‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬المرتقبة‭... ‬صعب‭ ‬التنبؤ‭ ‬بما‭ ‬ستسفر‭ ‬عنه‭ ‬قمة‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية،‭ ‬لكن‭ ‬المواقف‭ ‬الأميركية‭ ‬إزاء‭ ‬مختلف‭ ‬الملفات‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لا‭ ‬تفيد‭ ‬بأنها‭ ‬قلقة‭ ‬ومترددة‭ ‬وخائفة‭ ‬كما‭ ‬يحلو‭ ‬للمحللين‭ ‬السطحيين‭ ‬القول‭. ‬إنها‭ ‬مواقف‭ ‬متماسكة‭ ‬أساسها‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬لدفع‭ ‬الطرف‭ ‬الممانع‭ ‬إلى‭ ‬الصفقة،‭ ‬توسيع‭ ‬رقعة‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬تحالفات‭ ‬وشراكات‭ ‬أمنية‭ ‬لتقاسم‭ ‬الكلفة‭ ‬والمسؤولية،‭ ‬فالرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬ليس‭ ‬راغباً‭ ‬بدور‭ ‬الشرطي‭ ‬لكنه‭ ‬ليس‭ ‬هارباً‭ ‬أمام‭ ‬التهديد‭ ‬ولا‭ ‬واقعاً‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬الاستدراج‭ ‬للتسرّع‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية،‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬استرق‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬بدعة‭ ‬“الصبر‭ ‬الاستراتيجي”‭ ‬وتبناها‭ ‬تكتيكاً‭ ‬واستراتيجيا‭ ‬لأن‭ ‬في‭ ‬قدرته‭ ‬الصبر‭ ‬بلا‭ ‬تهور‭ ‬إلى‭ ‬الخيار‭ ‬العسكري،‭ ‬فيما‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬فقدت‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الصبر‭ ‬لأنها‭ ‬تحت‭ ‬نيران‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تحرقها‭ ‬وتدفعها‭ ‬إلى‭ ‬التهور‭ ‬الاستراتيجي‭.‬

أذرعة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬تعرض‭ ‬عضلاتها‭ ‬لتغطي‭ ‬على‭ ‬الضعف‭ ‬البنيوي‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬إيران‭ ‬بسبب‭ ‬العقوبات‭ ‬داخلياً‭. ‬“إيلاف”‭.‬