ريشة في الهواء

من هنا توقفت الأحلام

| أحمد جمعة

تبدأ‭ ‬الأحلام‭ ‬هنا،‭ ‬شعار‭ ‬ترفعه‭ ‬الجامعات‭ ‬التجارية‭ ‬الخاصة‭ ‬مع‭ ‬بدء‭ ‬كل‭ ‬موسم‭ ‬تسجيل‭ ‬جديد‭ ‬للالتحاق‭ ‬بالدراسة‭ ‬الجامعية،‭ ‬أحلم‭ ‬بالهندسة،‭ ‬أحلم‭ ‬بالقانون،‭ ‬أحلم‭ ‬بالطب،‭ ‬وأحلم‭ ‬بالمحاسبة،‭ ‬أحلام‭ ‬وأحلام‭ ‬لكل‭ ‬جيل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأجيال‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬وتمضي‭ ‬بهم‭ ‬السنوات‭ ‬ويتم‭ ‬التخرج،‭ ‬وتمضي‭ ‬الأيام‭ ‬والشهور‭ ‬والسنين‭ ‬بعد‭ ‬التخرج‭ ‬وتتحطم‭ ‬الأحلام،‭ ‬لكن‭ ‬تستمر‭ ‬هذه‭ ‬الشعارات‭ ‬عاما‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬وجيلا‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭ ‬وأبناؤنا‭ ‬يعانون‭ ‬البطالة‭ ‬والتعطل،‭ ‬والأحلام‭ ‬تتبخر‭ ‬والجامعات‭ ‬التي‭ ‬ازدادت‭ ‬وتضاعفت‭ ‬بشكل‭ ‬يفوق‭ ‬حجم‭ ‬البحرين‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬دغدغة‭ ‬الأحلام‭.‬

لا‭ ‬أقصد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إصابة‭ ‬أبنائنا‭ ‬المقدمين‭ ‬على‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية‭ ‬بالإحباط،‭ ‬لكن‭ ‬نظرة‭ ‬إلى‭ ‬الواقع،‭ ‬فلنستيقظ‭ ‬وننتبه‭ ‬إلى‭ ‬السؤال‭ ‬التالي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬الإجابة‭ ‬عليه‭ ‬بواقعية‭ ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬المثالية‭ ‬و”التفلسف”‭: ‬ما‭ ‬مصير‭ ‬آلاف‭ ‬الخريجين‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬التخصصات‭ ‬الذين‭ ‬ينتظرون‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق؟‭ ‬ثم‭ ‬السؤال‭ ‬الأخطر‭: ‬ما‭ ‬مصير‭ ‬آلاف‭ ‬الخريجين‭ ‬سنوياً‭ ‬وما‭ ‬مصير‭ ‬الخريجين‭ ‬القادمين‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬بعد‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تحل‭ ‬هذه‭ ‬المعضلة‭ ‬بالوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬توضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬تستوعب‭ ‬هذه‭ ‬الطوابير‭ ‬من‭ ‬أجيال‭ ‬الخريجين‭ ‬الحالمين‭ ‬بالأعمال‭ ‬التي‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬تخصصاتهم‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬وظائف‭ ‬عابرة‭ ‬في‭ ‬مولات‭ ‬تجارية‭ ‬أو‭ ‬وظائف‭ ‬مؤقتة‭ ‬لا‭ ‬تسد‭ ‬طموحات‭ ‬وأحلام‭ ‬كانت‭ ‬تراودهم؟

سوق‭ ‬الأعمال‭ ‬أصابه‭ ‬الجليد‭ ‬وتوقف‭ ‬عن‭ ‬استقبال‭ ‬واحتضان‭ ‬الحالمين‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬كانت‭ ‬تراودهم‭ ‬الخيالات‭ ‬بوظائف‭ ‬يحققون‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬ذواتهم‭ ‬ويَسْدون‭ ‬لأسرهم‭ ‬وأهاليهم‭ ‬بعضا‭ ‬مما‭ ‬يعوض‭ ‬سنوات‭ ‬الحرمان‭ ‬والتقشف‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬هذه‭ ‬الأسر‭ ‬بحالة‭ ‬طوارئ‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الدراسة‭ ‬وحرمت‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬الرفاهية‭ ‬لأجل‭ ‬عيون‭ ‬أبنائها،‭ ‬وضعوا‭ ‬كل‭ ‬مدخراتهم‭ ‬وراهنوا‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬أبنائهم‭ ‬يحملون‭ ‬عنهم‭ ‬عبء‭ ‬سنوات‭ ‬الصيام‭ ‬عن‭ ‬الرخاء‭ ‬لإطعام‭ ‬أفواه‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬رفع‭ ‬الأسعار‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬بحجج‭ ‬مختلفة‭.‬

هنا‭ ‬تتوقف‭ ‬الأحلام‭ ‬وتبدأ‭ ‬الوقائع‭ ‬الحقيقية،‭ ‬فهذه‭ ‬اللوحات‭ ‬الإعلانية‭ ‬المنتشرة‭ ‬بشوارع‭ ‬وميادين‭ ‬البحرين‭ ‬وهي‭ ‬تعلن‭ ‬عن‭ ‬بدء‭ ‬موسم‭ ‬الأحلام‭ ‬بالدراسات‭ ‬الجامعية‭ ‬قد‭ ‬تدغدغ‭ ‬الذين‭ ‬يتطلعون‭ ‬للدراسة‭ ‬للتو،‭ ‬لكنها‭ ‬تصيب‭ ‬الخريجين‭ ‬بالألم‭ ‬والحزن‭ ‬وهم‭ ‬يتذكرون‭ ‬أحلامهم‭ ‬وقد‭ ‬تبخرت‭ ‬وطارت‭ ‬مع‭ ‬ريش‭ ‬الحمام‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬أناشد‭ ‬الدولة‭ ‬بكل‭ ‬أجهزتها‭ ‬لفعل‭ ‬شيء‭ ‬خارق‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬التي‭ ‬يتوقف‭ ‬عليها‭ ‬مصير‭ ‬الأجيال،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬خطة‭ ‬عاجلة‭ ‬وعملية‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬دغدغة‭ ‬المشاعر،‭ ‬لمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬المصيرية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمصير‭ ‬أجيال،‭ ‬وإلا‭ ‬سنواجه‭ ‬موقفاً‭ ‬لن‭ ‬نحسد‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان،‭ ‬وحينها‭ ‬لن‭ ‬تنفع‭ ‬الأحلام‭.‬

 

تنويرة‭:

‬كل‭ ‬نهار‭ ‬بداية‭ ‬وكل‭ ‬ليل‭ ‬نهاية‭ ‬وكل‭ ‬يوم‭ ‬بداية‭ ‬ونهاية‭!.‬