ومضة قلم

ولا عزاء للمواطن

| محمد المحفوظ

تحفل‭ ‬البرامج‭ ‬الانتخابية‭ ‬غالبا‭ ‬بالوعود‭ ‬والشعارات‭ ‬التي‭ ‬تدغدغ‭ ‬عواطف‭ ‬المواطن،‭ ‬وفي‭ ‬طليعتها‭ ‬الهموم‭ ‬المعيشية‭ ‬والقضايا‭ ‬الخدمية،‭ ‬بيد‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬المواطن‭ ‬يكتشف‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭ ‬أنّ‭ ‬تلك‭ ‬الشعارات‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬كونها‭ ‬استغفالاً‭ ‬لعقله‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نقول‭ ‬ضحكا‭ ‬على‭ ‬الذقون‭. ‬التساؤل‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬التالي‭: ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬النواب‭ ‬الذين‭ ‬قرنوا‭ ‬الأقوال‭ ‬بالأفعال‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع؟‭ ‬والإجابة‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يتجاوزون‭ ‬أصابع‭ ‬اليد،‭ ‬أما‭ ‬البقية‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬يهمها‭ ‬المواطن،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬لا‭ ‬تحسب‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬حساب‭.‬

في‭ ‬الأوقات‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬يتاح‭ ‬فيها‭ ‬للمواطن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وجها‭ ‬لوجه‭ ‬أمام‭ ‬النائب،‭ ‬وعندما‭ ‬يذكره‭ ‬بما‭ ‬ألزم‭ ‬به‭ ‬نفسه‭ ‬إبّان‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية‭ ‬يأتي‭ ‬الرد‭ ‬صاعقا‭ ‬ومتنكرا‭ ‬بأنّ‭ ‬دور‭ ‬النائب‭ ‬هو‭ ‬الرقابة‭ ‬والتشريع‭ ‬فقط‭ ‬وتحت‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬أي‭ ‬تعارض‭ ‬بين‭ ‬الواجب‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬ومحاولة‭ ‬حلحلة‭ ‬المعضلات‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬لكنه‭ ‬للأسف‭ ‬يتنصل‭ ‬كما‭ ‬أقرّ‭ ‬و”بعظمة‭ ‬لسانه”‭ ‬بأنه‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المواطن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قدّر‭ ‬له‭ ‬الفوز‭. ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬التجارب‭ ‬البرلمانية‭ ‬القريبة‭ ‬لنا‭ ‬والأكثر‭ ‬شبها‭ ‬والأعرق‭ ‬من‭ ‬تجربتنا،‭ ‬نجد‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يتنصلوا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬ولم‭ ‬يتهربوا‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأمانة‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬طوقا‭ ‬في‭ ‬أعناقهم‭ ‬وارتضوها‭ ‬بطيب‭ ‬خاطر‭ ‬وقناعة‭ ‬كاملة،‭ ‬لقد‭ ‬تعهدوا‭ ‬بملء‭ ‬إرادتهم‭ ‬وأمام‭ ‬مرأى‭ ‬الجماهير‭ ‬وسمعهم‭ ‬بأنهم‭ ‬سيكونون‭ ‬الصوت‭ ‬المعبر‭ ‬عن‭ ‬آمالهم‭ ‬وسيبذلون‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعهم‭ ‬من‭ ‬إمكانيات‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬الجماهير،‭ ‬بيد‭ ‬أنّ‭ ‬الصدمة‭ ‬التي‭ ‬يجد‭ ‬هذا‭ ‬المواطن‭ ‬نفسه‭ ‬إزاءها‭ ‬أنّ‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬لعبة‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تبخرت‭ ‬تلك‭ ‬الوعود‭ ‬ووجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬أمام‭ ‬سراب‭. ‬

الكثير‭ ‬من‭ ‬البسطاء‭ ‬يجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أمام‭ ‬مآزق‭ ‬حقيقية‭ ‬تنغص‭ ‬عليهم‭ ‬واقعهم‭ ‬المعيشي،‭ ‬ويبحثون‭ ‬عمن‭ ‬يخرجهم‭ ‬منها،‭ ‬وبالطبع‭ ‬فإنّ‭ ‬أنظارهم‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬أولوه‭ ‬ثقتهم‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬بأنه‭ ‬لن‭ ‬يخذلهم‭ ‬لكنهم‭ ‬يصدمون‭ ‬بأنّ‭ ‬النائب‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬لا‭ ‬يرد‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬اتصالاتهم‭ ‬ولو‭ ‬أسعفهم‭ ‬الحظ‭ ‬بالرد‭ ‬فإنّ‭ ‬المأساة‭ ‬أنه‭ ‬سيتذرع‭ ‬بأن‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬يسعفه‭ ‬لحل‭ ‬مشكلاتهم‭. ‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أسلفت‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬فإنّ‭ ‬كثيرين‭ ‬يندبون‭ ‬حظهم‭ ‬لأنهم‭ ‬أقدموا‭ ‬على‭ ‬الاختيار‭ ‬الخاطئ،‭ ‬وحينها‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬الندم‭.‬