نادي العروبة في ذكراه الثمانين

| عبدعلي الغسرة

يُصادف‭ ‬عام‭ ‬2019م‭ ‬الذكرى‭ ‬الثمانين‭ ‬لتأسيس‭ ‬نادي‭ ‬العروبة،‭ ‬ففي‭ ‬1939م‭ ‬نهضت‭ ‬كوكبة‭ ‬زاهرة‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭ ‬لتأسيس‭ ‬نادٍ‭ ‬يتخذ‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬اسمًا،‭ ‬ومن‭ ‬سماته‭ ‬هويةً،‭ ‬ومن‭ ‬لغته‭ ‬مبادئ‭. ‬كانت‭ ‬البداية‭ ‬صعبة‭ ‬وليست‭ ‬مستحيلة،‭ ‬شائكة‭ ‬ممكنة‭ ‬العبور،‭ ‬واستطاع‭ ‬المؤسسون‭ ‬بصبرهم‭ ‬وإيمانهم‭ ‬أن‭ ‬يتجاوزوا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬صعبًا‭ ‬ومستحيلًا،‭ ‬وتمكنوا‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفهم،‭ ‬فجعلت‭ ‬تلك‭ ‬النخبة‭ ‬المؤسِسَة‭ ‬الوطنية‭ ‬العروبة‭ ‬مُلتقى‭ ‬وأرضًا‭ ‬لتنمية‭ ‬المعارف‭ ‬الفكرية‭ ‬والتربوية‭ ‬والثقافية،‭ ‬فوثبوا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نشر‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭ ‬وتحقيق‭ ‬الترابط‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭.‬

تأسس‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬شهدت‭ ‬فيه‭ ‬البحرين‭ ‬والوطن‭ ‬العربي‭ ‬نهضة‭ ‬سياسية‭ ‬وفكرية‭ ‬وثقافية‭ ‬عامرة،‭ ‬وفي‭ ‬زمن‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬والمؤسسون‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬أرضٍ‭ ‬ينطلقون‭ ‬منها‭ ‬لتأدية‭ ‬رسالتهم‭ ‬الفكرية‭ ‬والأدبية‭ ‬لمشروعهم‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬تجسد‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬العروبة‭ ‬في‭ ‬عصرٍ‭ ‬لم‭ ‬تولد‭ ‬فيه‭ ‬الأندية‭ ‬بعد،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬مسؤولية‭ ‬المؤسسين‭ ‬جسيمة‭ ‬تكاد‭ ‬تجذب‭ ‬حاملها‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬ثقلها‭ ‬لولا‭ ‬صلابة‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬وقفوا‭ ‬عليها‭ ‬ليحققوا‭ ‬أهدافهم‭ ‬الوطنية‭ ‬والفكرية‭ ‬والثقافية‭.‬

لقد‭ ‬لازمت‭ ‬هذا‭ ‬الإشعاع‭ ‬الثقافي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬تحديات‭ ‬التأسيس‭ ‬والتمويل‭ ‬ومقر‭ ‬النادي‭ ‬وغيرها،‭ ‬لكن‭ ‬المؤسسين‭ ‬استطاعوا‭ ‬بفضل‭ ‬منبتهم‭ ‬الوطني‭ ‬ونقائهم‭ ‬الفكري‭ ‬أن‭ ‬يخمدوا‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‭ ‬وساروا‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬مع‭ ‬الزمن،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يجف‭ ‬حبر‭ ‬التأسيس‭ ‬تسارعت‭ ‬الأفئدة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬صوب‭ ‬لتنال‭ ‬نصيبها‭ ‬من‭ ‬عضوية‭ ‬العروبة‭. ‬ثمانين‭ ‬عامًا‭ ‬أصبح‭ ‬النادي‭ ‬بستانا‭ ‬زاهرا‭ ‬بالأنشطة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والدينية‭ ‬والفكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬تسابق‭ ‬فيها‭ ‬جمع‭ ‬من‭ ‬فخر‭ ‬الأدباء‭ ‬والمفكرين‭ ‬والشعراء‭ ‬والفنانين‭ ‬والوجهاء‭ ‬والمصلحين‭ ‬والمسؤولين‭ ‬حضورًا‭ ‬وتحدثا‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬والأقطار‭ ‬العربية،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬النادي‭ ‬نجمًا‭ ‬يتلألأ‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬العروبة‭.‬

لقد‭ ‬شيدت‭ ‬صرح‭ ‬العروبة‭ ‬نخبة‭ ‬نجيبة‭ ‬وتناقلته‭ ‬أجيالٌ‭ ‬وأجيال‭ ‬انتماء‭ ‬ووجودًا،‭ ‬وأينع‭ ‬ثمرًا‭ ‬شهيًا‭ ‬بأنشطته‭ ‬المتنوعة،‭ ‬وبفضل‭ ‬نهجه‭ ‬الفكري‭ ‬ونوعية‭ ‬أعضائه‭ ‬ونقاء‭ ‬أنشطته‭ ‬أصبح‭ ‬وجود‭ ‬النادي‭ ‬ضرورة‭ ‬فكرية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬الحاضر،‭ ‬شكرًا‭ ‬للمؤسسين‭ ‬ورحمهم‭ ‬الله‭ ‬برحمته‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قدموا‭ ‬وضحوا،‭ ‬وشكرًا‭ ‬لكل‭ ‬أعضائه‭ ‬الذين‭ ‬أتوا‭ ‬ليكملوا‭ ‬مسيرة‭ ‬التأسيس‭ ‬والتي‭ ‬جعلت‭ ‬نادي‭ ‬العروبة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المؤسسات‭ ‬قدرةً‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬والمشاركة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬محافظين‭ ‬على‭ ‬الديمومة‭ ‬والصيرورة‭ ‬التي‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬النادي‭ ‬منذُ‭ ‬ثمانيين‭ ‬عامًا‭.‬