كيف يفكر ترامب في المسألة الإيرانية؟ (2)

| سالم الكتبي

على‭ ‬طريق‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مخارج‭ ‬تفاوضية،‭ ‬تمضي‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬نهج‭ ‬العقوبات‭ ‬الصارمة،‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬مؤخراً‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬جواد‭ ‬ظريف،‭ ‬بعد‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬المُرشد‭ ‬الإيراني‭ ‬الأعلى‭ ‬علي‭ ‬خامنئي،‭ ‬والرئيس‭ ‬حسن‭ ‬روحاني،‭ ‬وقادة‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬اللواء‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني،‭ ‬قائد‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭.‬

في‭ ‬الأخير،‭ ‬تبدو‭ ‬خطوات‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬غير‭ ‬واضحة‭ ‬ولم‭ ‬ترق‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬استراتيجية‭ ‬متكاملة‭ ‬للتعاطي‭ ‬مع‭ ‬التهديد‭ ‬الإيراني،‭ ‬لكنها‭ ‬خطوات‭ ‬محسوبة‭ ‬تمضي‭ ‬وفق‭ ‬خطين‭ ‬متوازيين،‭ ‬أولهما‭ ‬كسب‭ ‬الوقت‭ ‬وإعطاء‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬الحبل‭ ‬الذي‭ ‬يشنق‭ ‬به‭ ‬نفسه،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يمضي‭ ‬بدوره‭ ‬وفق‭ ‬نهج‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬القاسية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة،‭ ‬والرهان‭ ‬على‭ ‬عامل‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬إيقاع‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬حشد‭ ‬دولي‭ ‬ضدهم‭ ‬لحين‭ ‬مرور‭ ‬الفترة‭ ‬المتبقية‭ ‬على‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأميركية‭ ‬المقبلة،‭ ‬بحيث‭ ‬يبقى‭ ‬من‭ ‬الوارد‭ ‬وقتذاك‭ ‬سيناريو‭ ‬توجيه‭ ‬ضربة‭ ‬عسكرية‭ ‬قاصمة‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬بعد‭ ‬استنفاد‭ ‬كل‭ ‬فرص‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية‭ ‬للأزمة،‭ ‬وثانيهما‭ ‬مسار‭ ‬السعي‭ ‬للتفاوض‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬وفق‭ ‬شروط‭ ‬تحقق‭ ‬هدف‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬وهو‭ ‬نزع‭ ‬مخالب‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ولجم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬قدراته‭ ‬الصاروخية‭ ‬ونفوذه‭ ‬الإقليمي‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬لطمأنة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وضمان‭ ‬أمنها‭.‬

الترويج‭ ‬للقدرات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬الجولات‭ ‬التفاوضية‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬اهتمام‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬الآن،‭ ‬وبحسب‭ ‬قناعتي‭ ‬فإن‭ ‬تغريدته‭ ‬بشأن‭ ‬مهارة‭ ‬الإيرانيين‭ ‬في‭ ‬التفاوض‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬لتكريس‭ ‬فكرة‭ ‬الانتصار‭ ‬التفاوضي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬الذي‭ ‬وقعه‭ ‬الملالي‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬“5+1”،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬انتزاع‭ ‬أية‭ ‬بنود‭ ‬تفوق‭ ‬شروط‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬بما‭ ‬يتماهى‭ ‬مع‭ ‬رغبة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬سيكون‭ ‬انتصاراً‭ ‬تفاوضياً‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية،‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬ثم‭ ‬تسويقه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأميركية‭ ‬باعتباره‭ ‬أحد‭ ‬إنجازات‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأولى‭. ‬“إيلاف”‭.‬