هنئوهم شخصيا لا إلكترونيا

| بدور عدنان

تحتفل‭ ‬الأمتان‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬غداً‭ ‬بحلول‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬المبارك‭ ‬أعاده‭ ‬الله‭ ‬علينا‭ ‬وعليكم‭ ‬أعواما‭ ‬عديدة‭ ‬ونحن‭ ‬دائماً‭ ‬أقرب‭ ‬إليه‭ ‬بالطاعات‭ ‬والإيمان،‭ ‬وكعادة‭ ‬الأسر‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬العيد‭ ‬تتوجه‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬صباح‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ‬إلى‭ ‬“البيت‭ ‬العود”،‭ ‬حيث‭ ‬تجتمع‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬مظهر‭ ‬لا‭ ‬يتكرر‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬إلا‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬السنة،‭ ‬يرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬انشغال‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المسؤوليات‭ ‬سواء‭ ‬المهنية‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬الشخصية،‭ ‬فضغوط‭ ‬الحياة‭ ‬ومتطلباتها‭ ‬باتت‭ ‬حملاً‭ ‬كبيراً‭ ‬يُثقل‭ ‬كاهل‭ ‬الناس،‭ ‬ما‭ ‬حدا‭ ‬فئة‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬على‭ ‬الأقارب‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬إن‭ ‬استطاع‭ ‬ذلك،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬يتغيب‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬حضور‭ ‬“يَمعَة‭ ‬العيد”،‭ ‬فلربما‭ ‬يرتبطون‭ ‬بعمل‭ ‬بنظام‭ ‬النوبات‭ ‬أو‭ ‬آثروا‭ ‬النوم‭ ‬بعد‭ ‬سهر‭ ‬ليلة‭ ‬طويلة،‭ ‬متخلين‭ ‬بذلك‭ ‬عن‭ ‬عادة‭ ‬جميلة‭ ‬وحميدة‭ ‬نقلها‭ ‬لنا‭ ‬آباؤنا‭ ‬وأجدادنا‭ ‬كما‭ ‬نقلها‭ ‬لهم‭ ‬آباؤهم‭ ‬وأجدادهم،‭ ‬فالزيارات‭ ‬العائلية‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬الموروث‭ ‬الشعبي‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬التخلي‭ ‬عنه،‭ ‬لكننا‭ ‬للأسف‭ ‬انسلخنا‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئا‭ ‬عنها‭ ‬بحجة‭ ‬المسؤولية‭ ‬الزائدة‭ ‬والأعمال‭ ‬المتراكمة،‭ ‬حتى‭ ‬تخلينا‭ ‬عن‭ ‬أهم‭ ‬عاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬أي‭ ‬زيارة‭ ‬بعضنا‭ ‬في‭ ‬أهم‭ ‬المناسبات‭.‬

عند‭ ‬الأجيال‭ ‬السابقة‭ ‬كانت‭ ‬زيارة‭ ‬الأهل‭ ‬والأقرباء‭ ‬ومشاركتهم‭ ‬أفراحهم‭ ‬وأتراحهم‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الفروض‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬أيام‭ ‬الأعياد‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬يومية،‭ ‬ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬دائرة‭ ‬الأقرباء‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬بل‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كخالة‭ ‬الأم‭ ‬أو‭ ‬عمة‭ ‬الأب،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حق‭ ‬الجيران‭ ‬كان‭ ‬كحق‭ ‬الأقرباء‭ ‬من‭ ‬الزيارة‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الأفراح‭ ‬أو‭ ‬المواساة‭ ‬في‭ ‬الأحزان‭ ‬عملا‭ ‬بما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬ووصايا‭ ‬السنة‭ ‬النبوية‭.‬

أما‭ ‬اليوم‭ ‬يُفضل‭ ‬كثر‭ ‬الاستعاضة‭ ‬برسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬عن‭ ‬الزيارات‭ ‬الشخصية‭ ‬حيث‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنهم‭ ‬يسجلون‭ ‬بذلك‭ ‬حضورا‭ ‬ويؤدون‭ ‬الواجب،‭ ‬وربما‭ ‬أصابوا‭ ‬هدفاً‭ ‬ولم‭ ‬يقطع‭ ‬الحبل‭ ‬الضعيف‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬أحبائهم،‭ ‬لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الرسائل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬مشاعر‭ ‬اللهفة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الكلمات‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تلامس‭ ‬الأحاسيس‭ ‬كالأحضان،‭ ‬ولن‭ ‬تستطيع‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬تشرح‭ ‬الاحترام،‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬القُبُلات‭ ‬على‭ ‬جبين‭ ‬كبار‭ ‬السن‭. ‬

صلوا‭ ‬أحبتكم‭ ‬واقتطعوا‭ ‬من‭ ‬وقتكم‭ ‬القليل‭ ‬فدقائقكم‭ ‬هذه‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬أذهانهم‭ ‬ردحاً‭ ‬من‭ ‬الدهر‭.‬