كيف يفكر ترامب في المسألة الإيرانية؟ (1)

| سالم الكتبي

لم‭ ‬يعد‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬والمحللين‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬يفضل‭ ‬تفادي‭ ‬سيناريو‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الراهنة‭ ‬وحتى‭ ‬موعد‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأميركية‭ ‬المقبلة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يصبح‭ ‬السؤال‭ ‬التالي‭ ‬هو‭: ‬ماذا‭ ‬بعد‭ ‬تلك‭ ‬الانتخابات‭ ‬وكيف‭ ‬يفكر‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الخطوة‭ ‬المقبلة؟‭ ‬وفي‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬“تغريدة”‭ ‬عابرة‭ ‬للرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬كتبها‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬وورد‭ ‬فيها‭ ‬“تذكروا‭ ‬فقط،‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬لم‭ ‬تربح‭ ‬الحرب‭ ‬أبدا،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تخسر‭ ‬أية‭ ‬مفاوضات”،‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬يعني‭ ‬دلالات‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬التحليل‭ ‬السياسي،‭ ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬ليس‭ ‬قلقاً‭ ‬من‭ ‬خوض‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يفضل‭ ‬كسب‭ ‬المواجهة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إطلاق‭ ‬رصاصة‭ ‬واحدة،‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬رهانه‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬تمايزه‭ ‬عن‭ ‬أقرانه‭ ‬من‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأميركيين‭ ‬السابقين،‭ ‬وفي‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬توحي‭ ‬هذه‭ ‬التغريدة‭ ‬بأن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬يبدي‭ ‬حذراً‭ ‬من‭ ‬الجلوس‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬الإيرانيين‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يبدي‭ ‬قلقاً‭ ‬من‭ ‬مواجهتهم‭ ‬عسكرياً‭.‬

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك؟‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬اقتناع‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بصعوبة‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬سيحفز،‭ ‬برأيي،‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬وتحقيق‭ ‬انتصار‭ ‬سياسي‭ ‬عليه،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬المحصلة‭ ‬التي‭ ‬أشارت‭ ‬إليها‭ ‬التغريدة‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬كافية‭ ‬لإثارة‭ ‬شهية‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬منازلة‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬تفاوضي‭!‬

عقلية‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬الذي‭ ‬يوصف‭ ‬دائماً‭ ‬بمهارته‭ ‬التفاوضية‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الصفقات،‭ ‬هي‭ ‬المحرك‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬نزال‭ ‬تفاوضي‭ ‬المؤكد‭ ‬أنه‭ ‬يثير‭ ‬شهية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬لتحقيق‭ ‬انتصار‭ ‬سياسي‭ ‬جديد‭ ‬وإثبات‭ ‬صحة‭ ‬نهجه‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬عرض‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركي‭ ‬مايك‭ ‬بومبيو‭ ‬بشأن‭ ‬استعداده‭ ‬للسفر‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬إذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر‭ ‬لإجراء‭ ‬محادثات،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬تلفزيون‭ ‬“بلومبرغ”‭ ‬ما‭ ‬نصه‭: ‬“بالتأكيد‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬يسعدني‭ ‬أن‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬هناك،‭ ‬سأرحب‭ ‬بفرصة‭ ‬التحدث‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني”،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬العرض‭ ‬الذي‭ ‬رفضه‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬سوى‭ ‬إحدى‭ ‬محاولات‭ ‬فتح‭ ‬خط‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تعثر‭ ‬الوساطات‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مبعوثون‭ ‬لدول‭ ‬إقليمية‭ ‬وكبرى‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬السيناتور‭ ‬الجمهوري‭ ‬راند‭ ‬بول،‭ ‬عضو‭ ‬لجنة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬الذي‭ ‬تشير‭ ‬تقارير‭ ‬إعلامية‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬التقى‭ ‬ظريف‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬الأخير‭ ‬مقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي،‭ ‬بضوء‭ ‬أخضر‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬الذي‭ ‬تربطه‭ ‬علاقة‭ ‬شخصية‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬السيناتور‭ ‬راند،‭ ‬الذي‭ ‬عرض‭ ‬على‭ ‬ظريف‭ ‬مقترح‭ ‬زيارة‭ ‬واشنطن‭ ‬للبحث‭ ‬في‭ ‬تسوية‭ ‬للأزمة‭ ‬المتفاقمة‭. ‬“إيلاف”‭.‬