ما بين الشعبوية وخطاب الكراهية

| بدور عدنان

أفاقت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬بداية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الحالي‭ ‬على‭ ‬حادثتين‭ ‬مفجعتين‭ ‬في‭ ‬الباسو‭ ‬ودايتون‭ ‬قتل‭ ‬خلالهما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬شخصاً،‭ ‬وقد‭ ‬صنفت‭ ‬الحادثتان‭ ‬ضمن‭ ‬الحوادث‭ ‬العنصرية،‭ ‬إذ‭ ‬كتب‭ ‬مرتكب‭ ‬الهجوم‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬كرد‭ ‬على‭ ‬غزو‭ ‬ذوي‭ ‬الأصول‭ ‬الإسبانية‭ ‬دالاس‭. ‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تهز‭ ‬العالم‭ ‬والتي‭ ‬تندرج‭ ‬تحت‭ ‬حوادث‭ ‬الكراهية،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬ينس‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬مجزرة‭ ‬نيوزيلاندا‭ ‬التي‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬مصل‭ ‬في‭ ‬مسجدين،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬خلف‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬سوى‭ ‬كره‭ ‬وبُغض‭ ‬منفذ‭ ‬الهجوم‭ ‬المسلمين‭. ‬

حوادث‭ ‬الكراهية‭ ‬ليست‭ ‬وليدة‭ ‬اللحظة‭ ‬بل‭ ‬تجسدت‭ ‬في‭ ‬حركات‭ ‬وجماعات‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬أفضلية‭ ‬عرق‭ ‬أو‭ ‬إثنية‭ ‬على‭ ‬أخرى‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬مضت‭ ‬بل‭ ‬يعزو‭ ‬السياسيون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬اعتناق‭ ‬هتلر‭ ‬فكرة‭ ‬أفضلية‭ ‬العرق‭ ‬الآري‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬سكان‭ ‬الأرض،‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬يحشد‭ ‬الألمان‭ ‬لخوض‭ ‬حروب‭ ‬مستميتة‭ ‬ضد‭ ‬دول‭ ‬الحلفاء،‭ ‬وقد‭ ‬استعان‭ ‬هتلر‭ ‬بوزيره‭ ‬المفوه‭ ‬جوبلز‭ ‬لنشر‭ ‬أفكاره‭ ‬في‭ ‬خطب‭ ‬غلب‭ ‬عليها‭ ‬الطابع‭ ‬العنصري‭.‬

فكرة‭ ‬أفضلية‭ ‬عرق‭ ‬لم‭ ‬تزل‭ ‬بزوال‭ ‬هتلر،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬عادت‭ ‬لتتبوأ‭ ‬في‭ ‬خطب‭ ‬الشعبويين‭ ‬السطور‭ ‬الأولى‭ ‬فاعتلوا‭ ‬المنابر‭ ‬وخاطبوا‭ ‬الأغلبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬لإيهامهم‭ ‬بتقديم‭ ‬فرص‭ ‬أفضل‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬مقابل‭ ‬إلغاء‭ ‬الأقليات‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬التي‭ ‬تستنزف‭ ‬قوتهم‭ ‬بل‭ ‬تشكل‭ ‬خطرا‭ ‬عليهم،‭ ‬لذلك‭ ‬وجب‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬حل‭ ‬المشاكل‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭ ‬وأهمها‭ ‬التنموية‭.‬

الخطب‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬الشعوب‭ ‬غُلفت‭ ‬بحجة‭ ‬تحسين‭ ‬الحياة‭ ‬المعيشية‭ ‬لكن‭ ‬واقعها‭ ‬كان‭ ‬تحريضيا‭ ‬وعدائيا‭ ‬بجميع‭ ‬المقاييس،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬لمسناه‭ ‬في‭ ‬تنامي‭ ‬حوادث‭ ‬الاعتداءات‭ ‬على‭ ‬الأقليات‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬ينتهج‭ ‬مرشحوها‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬هذه‭ ‬الخطابات‭ ‬الشعبوية‭ ‬لحشد‭ ‬الأصوات‭ ‬مغررين‭ ‬بها‭ ‬شريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭.‬

العلاقة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الخطاب‭ ‬الشعبوي‭ ‬ومضامينه‭ ‬التحريضية‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإرهابية‭ ‬علاقة‭ ‬ترادف‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬وهي‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬التنامي‭ ‬كونها‭ ‬نتاج‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬تُخاطب‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬والتي‭ ‬وجد‭ ‬فيها‭ ‬الشعبويون‭ ‬ضالتهم‭ ‬بهدف‭ ‬الوصول‭ ‬لسدة‭ ‬الحكم‭.‬