ياسمينيات

للكبار

| ياسمين خلف

لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتجاهل‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تمس‭ ‬صحة‭ ‬الناس،‭ ‬ولن‭ ‬نتردد‭ ‬أبداً‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الحق،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬المرضى‭ ‬أن‭ ‬يوفروا‭ ‬لذويهم‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬“الحفاضات”،‭ ‬لعدم‭ ‬توافر‭ ‬هذا‭ ‬المستلزم‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬مخازنها‭! ‬ليس‭ ‬ليوم‭ ‬أو‭ ‬يومين،‭ ‬لكن‭ ‬منذ‭ ‬مدة‭! ‬فيتكبد‭ ‬الأهالي‭ ‬عناء‭ ‬البحث‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬صيدلية‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬ودفع‭ ‬مبالغ‭ ‬قد‭ ‬تثقل‭ ‬كاهل‭ ‬الكثيرين،‭ ‬لارتفاع‭ ‬سعره‭ ‬مقارنة‭ ‬بمتوسط‭ ‬رواتب‭ ‬أغلبية‭ ‬المواطنين‭.‬

كنت‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬توفر‭ ‬لكبار‭ ‬السن‭ ‬هذا‭ ‬المستلزم‭ ‬الصحي‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬تواجدهم‭ ‬بين‭ ‬أهاليهم‭ ‬في‭ ‬منازلهم،‭ ‬فيكفي‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭ ‬أحد‭ ‬الأهالي‭ ‬بالإثباتات‭ ‬المطلوبة‭ ‬للمركز‭ ‬الصحي‭ ‬الذي‭ ‬يتبعه،‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬حصته‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬“المستلزمات”‭ ‬كل‭ ‬شهر،‭ ‬كأحد‭ ‬حقوق‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬على‭ ‬الدولة،‭ ‬لكنني‭ ‬صدمت‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬“كان‭ ‬يا‭ ‬ما‭ ‬كان”،‭ ‬وأن‭ ‬الوضع‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬كذلك،‭ ‬وأنه‭ ‬وكما‭ ‬يبدو‭ ‬فإن‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬تخطو‭ ‬خطوات‭ ‬متراجعة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬وأن‭ ‬على‭ ‬الأهالي‭ ‬توفير‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬مريضهم‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المستلزمات‭ ‬الصحية،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬بين‭ ‬أهله،‭ ‬إنما‭ ‬حتى‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬يمكث‭ ‬في‭ ‬الأجنحة‭!‬

طبعاً‭ ‬من‭ ‬سيعاني‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬أهالي‭ ‬كبار‭ ‬السن،‭ ‬إنما‭ ‬حتى‭ ‬أهالي‭ ‬المعاقين،‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬قدرة‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وهم‭ ‬شريحة‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‭ ‬كما‭ ‬أتوقع‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬العناية‭ ‬بكبير‭ ‬السن‭ ‬أو‭ ‬المعاق،‭ ‬تتطلب‭ ‬صبراً،‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬التحمل،‭ ‬والتي‭ ‬لولا‭ ‬منزلة‭ ‬ومقام‭ ‬المريض‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬ذويه،‭ ‬لما‭ ‬قاموا‭ ‬بذلك،‭ ‬وتعقيد‭ ‬العناية‭ ‬بهم‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬المريض‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬حمله‭ ‬ثقيلاً‭ ‬أكثر‭ ‬وأكثر‭ ‬مع‭ ‬الأيام‭.‬

ماذا‭ ‬سيحدث‭ ‬لو‭ ‬تأخر،‭ ‬أو‭ ‬امتنع‭ ‬الأهالي‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬هذا‭ ‬“المستلزم”‭ ‬لمريضهم‭ ‬في‭ ‬أجنحة‭ ‬المستشفى؟‭ ‬لنتخيل‭ ‬الوضع‭ ‬حينها،‭ ‬المريض‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬دورة‭ ‬المياه،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬من‭ ‬سريره،‭ ‬واحتاج‭ ‬أن‭ ‬يلبي‭ ‬نداء‭ ‬الطبيعة،‭ ‬هل‭ ‬سيترك‭ ‬هكذا؟‭ ‬أترك‭ ‬الإجابة‭ ‬لمن‭ ‬يهمهم‭ ‬الأمر‭ ‬عسى‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬حجم‭ ‬المشكلة‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬

لا‭ ‬تجعلوا‭ ‬آخر‭ ‬أيام‭ ‬المرضى‭ ‬أسوأها‭.‬