“المساواة بين الجنسين” هدف وضمانة لتحقيق التنمية المستدامة

| د. هالة جمال

‎”‎لن‭ ‬نقبل‭ ‬شيئا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬كوكب‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المساواة‎”‎‏،‭ ‬بهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬النافذة‭ ‬علقت‭ ‬‏‏”فومزيلي‭ ‬ملمبو‭ ‬نكوكا”‭ ‬المديرة‭ ‬‏التنفيذية‭ ‬لهيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للمرأة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬‏بحقوق‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬والنمو‭ ‬‏الاقتصادي‭ ‬المرجو‭ ‬على‭ ‬‏مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬الهدف‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬التي‭ ‬نص‭ ‬عليها‭ ‬ميثاق‭  ‬الأمم‭ ‬‏المتحدة‭.‬‏

ورغم‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬أحرز‭ ‬تقدما‭ ‬في‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬بموجب‭ ‬الأهداف‭ ‬الإنمائية‭ ‬‏للألفية‭ ‬‏‏‭(‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬التكافؤ‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬‏على‭ ‬التعليم‭ ‬الابتدائي‭ ‬بين‭ ‬البنات‭ ‬والبنين‭)‬،‭ ‬لا‭ ‬‏تزال‭ ‬النساء‭ ‬‏والفتيات‭ ‬يعانين‭ ‬من‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬متفرقة‭ ‬من‭ ‬العالم‎‭.‬‎‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ازدهار‭ ‬مشاركة‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬مازالت‭ ‬هناك‭ ‬عدة‭ ‬حواجز‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬إنصاف‭ ‬المرأة‭ ‬‏في‭ ‬العمل‭ ‬ووضع‭ ‬العوائق‭ ‬غير‭ ‬المُبررة‭ ‬في‭ ‬طريقها‎‭ .‬‎

كذلك‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬تلامسه‭ ‬أنامل‭ ‬المرأة‭ ‬يعود‭ ‬بارتفاع‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬عائداته،‭ ‬‏ووفق‭ ‬الدراسات‭ ‬الدولية‭ ‬فإن‭ ‬وجود‭ ‬‏النساء‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬يرفع‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬‏ووفقاً‭ ‬لدراسات‭ ‬دولية‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬اقتصادياً‭ ‬‏ستضيف‭ ‬12‭ ‬تريليون‭ ‬‏دولار‭ ‬إلى‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬مبادئ‭ ‬‏مساواة‭ ‬المرأة‎‭.‬‎

وفي‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬نشر‭ ‬معهد‭ ‬ماكينزي‭ ‬العالمي‭ ‬تقريراً‭ ‬يفيد‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬الناتج‭ ‬‏المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬بنسبة‭ ‬47‭ % ‬خلال‭ ‬‏العقد‭ ‬المقبل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬‏أفريقيا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تساوت‭ ‬أعداد‭ ‬النساء‭ ‬مع‭ ‬أعداد‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‎‭.‬‎

إن‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬حقا‭ ‬أساسياً‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬فحسب،‭ ‬لكن‭ ‬‏أيضا‭ ‬‏تمثل‭ ‬أساسا‭ ‬من‭ ‬الأسس‭ ‬الضرورية‭ ‬اللازمة‭ ‬‏لإحلال‭ ‬السلام‭ ‬والرخاء‭ ‬والاستدامة‭ ‬في‭ ‬‏العالم‎،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬توفير‭ ‬التكافؤ‭ ‬أمام‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التعليم،‭ ‬والرعاية‭ ‬‏الصحية،‭ ‬‏والعمل‭ ‬اللائق،‭ ‬والتمثيل‭ ‬في‭ ‬‏العمليات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬‏سيكون‭ ‬‏بمثابة‭ ‬وقود‭ ‬للاقتصادات‭ ‬المستدامة‭ ‬وسيفيد‭ ‬المجتمعات‭ ‬والإنسانية‭ ‬‏جمعاء‎‭.‬‎

ولعل‭ ‬من‭ ‬أذكى‭ ‬طرق‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬‏اعتبار‭ ‬النساء‭ ‬شريكاً‭ ‬كاملاً‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬‏وتعزيز‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬‏والنطاق‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬إذ‭ ‬تُعد‭ ‬مشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬‏أحد‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬ازدهار‭ ‬بتلات‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‎‭.‬‎

وتسعى‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬للتمييز‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬‏مكان،‭ ‬ولابد‭ ‬إن‭ ‬أردنا‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬‏الجنسين،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬حقوق‭ ‬‏مكفولة‭ ‬ومتساوية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الجوانب‭ ‬الاقتصادية‎،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المساواة‭ ‬‏بين‭ ‬الجنسين‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬‏الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬بتعزيز‭ ‬السياسات‭ ‬والتشريعات‭ ‬التي‭ ‬‏تشجع‭ ‬على‭ ‬تقلد‭ ‬النساء‭ ‬المناصب‭ ‬السياسية‎‭.‬‎‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الاتصالات‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬إتاحة‭ ‬فرص‭ ‬جديدة‭ ‬لتمكين‭ ‬‏المرأة‭ ‬اقتصادياً،‭ ‬إذ‭ ‬نشاهد‭ ‬اليوم‭ ‬‏العديد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الناجحة‭ ‬التي‭ ‬تُدار‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬‏خلال‭ ‬عالم‭ ‬التكنولوجيا‎‭.‬‎