من عالم افتراضي إلى الواقع

| أحمد خليفة الحمادي

يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهني‭ ‬كلما‭ ‬نظرت‭ ‬إلى‭ ‬هاتفي‭ ‬النقال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬ومعرفة‭ ‬أخبارهم،‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬التواصل‭ ‬قديمًا‭ ‬بين‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الرسائل‭ ‬تصلهم‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬وشهور،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬تُمثل‭ ‬معاناة‭ ‬حقيقية‭.‬

ومع‭ ‬التقدم‭ ‬التقني،‭ ‬ظهر‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز‭ ‬الذي‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬أصدقاء‭ ‬وزملاء‭ ‬وأقارب،‭ ‬والذين‭ ‬كانوا‭ ‬بعيدين‭ ‬وأصبحوا‭ ‬قريبين‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز‭. ‬أذكر‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬لدي‭ ‬قريب‭ ‬يدرس‭ ‬بالخارج،‭ ‬فكنت‭ ‬أحاول‭ ‬الاتصال‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬معين،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬التواصل‭ ‬معه‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬السكن‭ ‬الذي‭ ‬يسكن‭ ‬فيه،‭ ‬فكنت‭ ‬أحاول‭ ‬الاتصال‭ ‬به‭ ‬ليلا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬تواجده‭. ‬ورغم‭ ‬ظهور‭ ‬تقنية‭ ‬الفاكس‭ ‬والتلكس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬استخدامها‭ ‬اقتصر‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الحالات‭ ‬على‭ ‬الأمور‭ ‬الرسمية‭ ‬أو‭ ‬المستعجلة،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬الطفرة‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوسيلة‭ ‬ظهر‭ ‬لنا‭ ‬تطبيق‭ ‬“الواتساب”‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬العالم‭ ‬بضغطة‭ ‬زر،‭ ‬وأتاح‭ ‬لي‭ ‬هذا‭ ‬التطبيق‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬متميزة‭ ‬ومتخصصة‭ ‬أسسها‭ ‬أحد‭ ‬الزملاء‭ ‬بعنوان‭ ‬“لوبي‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة”‭ ‬والذي‭ ‬أصبح‭ ‬“تواصل”،‭ ‬مجموعة‭ ‬مهنية‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬زملاء‭ ‬متخصصين‭ ‬ولديهم‭ ‬اهتمام‭ ‬وخبرات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬والإعلام‭ ‬والمسؤولية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والجميل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬أنها‭ ‬متخصصة‭ ‬بالاتصال‭ ‬الرقمي‭ ‬والتواصل‭ ‬الداخلي،‭ ‬وتنظيم‭ ‬المناسبات‭ ‬والفعاليات‭ ‬وغيرها،‭ ‬ويتبادل‭ ‬أفرادها‭ ‬الأفكار‭ ‬والمقترحات‭ ‬للتطوير‭ ‬الهادف‭. ‬وبعد‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬انضمامي‭ ‬للمجموعة،‭ ‬برز‭ ‬اقتراح‭ ‬لعمل‭ ‬لقاء‭ ‬سنوي‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء،‭ ‬وبالفعل‭ ‬اجتمعوا‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬تعارف‭ ‬حي‭ ‬وحلقة‭ ‬نقاش‭ ‬وحوار‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬والاتصال،‭ ‬وقد‭ ‬قوى‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬التواصل‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬وانتقلوا‭ ‬بسببه‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬يوصف‭ ‬بالافتراضي‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الواقعي‭.‬

ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬التوصيات‭ ‬والمقترحات‭ ‬التي‭ ‬خرج‭ ‬بها‭ ‬اللقاء‭ ‬ضرورة‭ ‬تعميق‭ ‬أواصر‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة،‭ ‬حيث‭ ‬يسهل‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬الممارسين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬كذلك‭ ‬عقد‭ ‬اللقاءات‭ ‬الدورية‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬الكلفة‭ ‬والرسمية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬أجدى‭ ‬لتحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الأول،‭ ‬أيضا‭ ‬تعزيز‭ ‬جانب‭ ‬مشاركة‭ ‬المعلومات‭ ‬البينية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬حول‭ ‬أساليب‭ ‬التطوير‭ ‬المستمر‭ ‬لأعمال‭ ‬الممارسين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة،‭ ‬وأخيراً‭ ‬استثمار‭ ‬هذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬للخروج‭ ‬بمبادرات‭ ‬تطوعية‭ ‬تثري‭ ‬محتوى‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭. ‬

وهكذا‭ ‬أسهمت‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الأفكار‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأهداف،‭ ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديدة‭ ‬منحت‭ ‬الناس‭ ‬عوالم‭ ‬جديدة،‭ ‬وفتحت‭ ‬لهم‭ ‬آفاقا‭ ‬جديدة،‭ ‬لكن‭ ‬ينبغي‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬بدراية،‭ ‬وعدم‭ ‬الانجرار‭ ‬خلف‭ ‬جاذبية‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬تحملها،‭ ‬بل‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬حقيقتها‭ ‬ومصدرها‭ ‬وموضوعيتها‭.‬