ومضة قلم

العاطلون والإحباط

| محمد المحفوظ

لا‭ ‬يكف‭ ‬المسؤولون‭ ‬بوزارة‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬التصريحات‭ ‬بأن‭ ‬الوزارة‭ ‬توظف‭ ‬الآلاف‭ ‬شهريا‭ ‬وأنّ‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬تراجع‭. ‬إنّ‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬لغير‭ ‬المتابعين‭ ‬والراصدين‭ ‬لعملية‭ ‬التوظيف‭ ‬يبعث‭ ‬الأمل‭ ‬والتفاؤل،‭ ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬بالنسبة‭ ‬للآلاف‭ ‬من‭ ‬العاطلين‭ ‬يبقى‭ ‬بلا‭ ‬دليل‭ ‬يسنده،‭ ‬وقبل‭ ‬أيام‭ ‬أعلن‭ ‬مسؤول‭ ‬كبير‭ ‬بالوزارة‭ ‬أنّ‭ ‬معارض‭ ‬التوظيف‭ ‬التي‭ ‬تقيمها‭ ‬الوزارة‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تخفف‭ ‬من‭ ‬معضلة‭ ‬البطالة،‭ ‬لذا‭ ‬فإنهم‭ ‬مستمرون‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬المعارض‭ ‬وخصوصا‭ ‬المتخصصة‭ ‬منها‭.‬

غير‭ ‬مرة‭ ‬تمنيّت‭ ‬على‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬التوظيف‭ ‬بوزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لو‭ ‬أنهم‭ ‬استحدثوا‭ ‬آلية‭ ‬جديدة‭ ‬وواقعية‭ ‬للتوظيف‭ ‬بخلاف‭ ‬ما‭ ‬اعتادت‭ ‬الوزارة‭ ‬أن‭ ‬تعلنه،‭ ‬كونها‭ ‬بدون‭ ‬جدوى‭ ‬ومردودها‭ ‬بالغ‭ ‬الضآلة،‭ ‬لكن‭ ‬المحزن‭ ‬أن‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتفاعل‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬ليست‭ ‬لديه‭ ‬النية‭ ‬للتغيير‭ ‬أو‭ ‬التطوير‭.‬

إنّ‭ ‬من‭ ‬يتقدمون‭ ‬لمعارض‭ ‬التوظيف‭ ‬يعودون‭ ‬جائعين‭ ‬ومنكسري‭ ‬الأحلام،‭ ‬بل‭ ‬إنّ‭ ‬بينهم‭ ‬من‭ ‬يندبون‭ ‬حظهم‭ ‬العاثر‭ ‬لأنّ‭ ‬الشركات‭ ‬لم‭ ‬تتصل‭ ‬بهم‭ ‬رغم‭ ‬أنّ‭ ‬بينهم‭ ‬من‭ ‬تتوفر‭ ‬لديه‭ ‬الكفاءة‭ ‬والتخصص‭ ‬وأيضا‭ ‬الخبرة،‭ ‬وكان‭ ‬يفترض‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬شفافية‭ ‬أو‭ ‬مصارحة‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬المعروضة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشركات‭ ‬وحتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لوزارة‭ ‬العمل،‭ ‬لكنّ‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬غائب‭ ‬تماما،‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬تنأى‭ ‬الوزارة‭ ‬بنفسها‭ ‬عن‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬التوظيف‭ ‬في‭ ‬المعارض؟‭ ‬وإلا‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تقيم‭ ‬الوزارة‭ ‬عشرات‭ ‬المعارض‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتأكد‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬توظيف‭ ‬أم‭ ‬لا‭! ‬

أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬النيابيّ‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭ ‬متابعة‭ ‬إجراءات‭ ‬الوزارة‭ ‬في‭ ‬التوظيف،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬أمامنا‭ ‬أنّهم‭ ‬اكتفوا‭ ‬بإطلاق‭ ‬التصريحات‭ ‬ربما‭ ‬لإقناع‭ ‬المواطنين‭ ‬بأن‭ ‬قضاياهم‭ ‬تتصدر‭ ‬اهتمامهم‭. ‬التصريحات‭ ‬وحدها‭ ‬رغم‭ ‬أهميتها‭ ‬لا‭ ‬تعالج‭ ‬القضية‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬ترافقها‭ ‬تحركات‭ ‬جدية‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأعضاء‭ ‬والكتل‭ ‬النيابية‭.‬

وزارة‭ ‬العمل‭ ‬تتذرع‭ ‬بأنّ‭ ‬أصحاب‭ ‬الشركات‭ ‬ورجال‭ ‬الأعمال‭ ‬لا‭ ‬يبدون‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬التعاون‭ ‬وأنّهم‭ ‬يلجأون‭ ‬للتوظيف‭ ‬دون‭ ‬علم‭ ‬الوزارة‭! ‬وبدورنا‭ ‬نتساءل‭ ‬أين‭ ‬صلاحياتكم؟‭ ‬هل‭ ‬اكتفت‭ ‬الوزارة‭ ‬بدور‭ ‬المتفرج‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تحرك‭ ‬ساكنا؟‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬ممارسة‭ ‬صلاحياتهم‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬بالفعل‭ ‬جادين‭ ‬في‭ ‬حلحلة‭ ‬معضلة‭ ‬البطالة‭.‬