وَخْـزَةُ حُب

لا تكنْ أنتَ... المُمثل المُزدَوج!

| د. زهرة حرم

في‭ ‬الحياة‭ ‬هناك‭ ‬مواقع‭ ‬وأدوار،‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬تأديتها؛‭ ‬بوصفها‭ ‬واجباته،‭ ‬أو‭ ‬مسؤولياته‭ ‬المنوطة‭ ‬به،‭ ‬تمامًا‭ ‬كممثلين‭ ‬حقيقيين،‭ ‬مطلوب‭ ‬منا‭ ‬أداء‭ ‬أدوارنا،‭ ‬التي‭ ‬نشأنا‭ ‬عليها،‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬قُدّر‭ ‬لنا‭ ‬الدخول‭ ‬فيها‭ ‬أو‭ ‬خوضها‭! ‬وعلى‭ ‬هذه‭ ‬الكيفية‭ ‬تسير‭ ‬دورة‭ ‬الحياة؛‭ ‬من‭ ‬ابنٍ‭ ‬لأب‭ ‬لجد،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬موظف‭ ‬لمدير‭ ‬لمسؤول‭ ‬كبير‭... ‬وهكذا؛‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬دور‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تجيد‭ ‬التمثيل‭ ‬بعناية،‭ ‬واهتمام،‭ ‬وإلا‭ ‬خرقت‭ ‬الدور،‭ ‬أو‭ ‬الواجب،‭ ‬وكنت‭ ‬من‭ ‬أسوأ‭ ‬الممثلين،‭ ‬والأسوأ‭ ‬أن‭ ‬استبدالك‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬المُتناوَل‭ ‬السهل؛‭ ‬فأنت‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬سينمائي؛‭ ‬بحيث‭ ‬يسهل‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنك‭ ‬والتعاقد‭ ‬مع‭ ‬آخرين،‭ ‬لكنك‭ ‬تمثل‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الحياة‭ ‬الكبير،‭ ‬وهذا‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للعبث،‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬دورك‭ ‬كما‭ ‬يجب،‭ ‬أو‭ ‬تكون‭ ‬عبئًا‭ ‬ثقيلا‭ ‬على‭ ‬نفسك‭ ‬والآخرين‭ ‬من‭ ‬حولك‭!‬

إذًا؛‭ ‬إننا‭ ‬نتفق‭ ‬على‭ ‬مُسلّمة‭ ‬رئيسية‭ ‬هنا؛‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬منا‭ ‬دوره،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شخصيات‭ ‬بيننا،‭ ‬مبدعة‭ ‬في‭ ‬سحب‭ ‬أدوار‭ ‬غيرها،‭ ‬وكأنها‭ ‬تجد‭ ‬راحتها‭ ‬وسكينتها‭ ‬في‭ ‬التمثيل‭ ‬المزدوج؛‭ ‬أي‭ ‬الذي‭ ‬تمارس‭ ‬فيه‭ ‬دورها‭ ‬ودور‭ ‬الآخرين،‭ ‬ظانّة‭ ‬أنها‭ ‬تفعل‭ ‬الصواب،‭ ‬وأنها‭ ‬تزيل‭ ‬أحمالا‭ ‬صعبة‭ ‬عن‭ ‬ظهور‭ ‬هؤلاء،‭ ‬وأنها‭ ‬خير‭ ‬معين‭ ‬أو‭ ‬مساعد،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بذلك؛‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الأمور‭ ‬تخرج‭ ‬بالكيفية‭ ‬أو‭ ‬النمط‭ ‬اللذين‭ ‬تُريد،‭ ‬وبالسرعة‭ ‬أو‭ ‬الدقة،‭ ‬أو‭ ‬الحرص،‭ ‬أو‭ ‬الجودة،‭ ‬ولأن‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬تؤمن‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬المحيطين‭ ‬بها‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬رغباتها‭ ‬–‭ ‬حرفيًا‭ - ‬تتكفل‭ ‬بنفسها‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬أدوارهم،‭ ‬وجرِّها‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬أقدامهم‭!‬

والواقع‭ ‬أنها‭ ‬شخصيات‭ ‬مُدمرة‭ ‬لا‭ ‬فاعلة،‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬تشعر‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬وهم‭ ‬الإيثار‭ ‬والتضحية؛‭ ‬فهي‭ ‬تساهم‭ ‬بشدة‭ ‬في‭ ‬حرمان‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬أدوارهم‭ ‬الطبيعية،‭ ‬ومما‭ ‬يجب‭ ‬عليهم‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مسؤوليات،‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يُصدقون‭ ‬بالفعل‭ ‬أنها‭ ‬تخفف‭ ‬عنهم‭ ‬بادئَ‭ ‬الأمر،‭ ‬لكن‭ ‬الموضوع‭ ‬قد‭ ‬يستفحل‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬يجعلهم‭ ‬يبتعدون‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬تأدية‭ ‬أدوارهم؛‭ ‬فيستسهلون‭ ‬الحال،‭ ‬ويعيشون‭ ‬دور‭ ‬خليّ‭ ‬البال،‭ ‬المرتاح‭ ‬من‭ ‬الواجبات،‭ ‬التي‭ ‬رموها‭ ‬طواعيةً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الآخر،‭ ‬الذي‭ ‬رضي‭ ‬بحمل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دور،‭ ‬وتمثيل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬وظيفة‭!‬

 

كم‭ ‬من‭ ‬أبٍ‭ ‬أو‭ ‬أمٍ‭ ‬أو‭ ‬مسؤولٍ‭ ‬مارس‭ ‬الأدوار‭ ‬المزدوجة،‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬أبنائه‭ ‬أو‭ ‬مرؤوسيه؛‭ ‬فكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬وبالا‭ ‬على‭ ‬الجميع‭! ‬لا‭ ‬هم‭ ‬ارتاحوا‭ ‬واستكانوا،‭ ‬أو‭ ‬توقفوا‭ ‬عن‭ ‬الشكوى‭ ‬والتذمر،‭ ‬ولا‭ ‬المسحوبة‭ ‬أدوارهم‭ ‬أصبحوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬أو‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أدوارهم،‭ ‬التي‭ ‬حال‭ ‬دونها‭ ‬جرعات‭ ‬من‭ ‬الكسل‭ ‬المتراكم،‭ ‬حُقنوا‭ ‬بها‭ ‬باستمرار،‭ ‬ولوقت‭ ‬ليس‭ ‬قصيرا‭! ‬قِف‭ ‬عند‭ ‬دورك‭ ‬فقط؛‭ ‬فتجاوزه‭ ‬يحرمك‭ ‬الراحة‭ ‬والسكينة،‭ ‬ويثقلك‭ ‬بمهام‭ ‬ليست‭ ‬لك،‭ ‬ويُفقد‭ ‬الآخرين‭ ‬بُطولاتهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭!.‬