أهمية الوعي السياسي في المجتمعات العربية

| بدور عدنان

توصم‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬بقلة‭ ‬الوعي‭ ‬السياسي‭ ‬وسوء‭ ‬استخدام‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المتاحة،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدساتير‭ ‬والتشريعات‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬إحداث‭ ‬التغيير‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬جهل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الديمقراطية‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬عكسية‭. ‬

نعم‭ ‬نتخلف‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يدعونا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نتعجل‭ ‬الخُطى‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جهل‭ ‬شريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬بكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬حقوقها‭ ‬وواجباتها‭ ‬الدستورية،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬سوء‭ ‬استعمال‭ ‬وفي‭ ‬حالات‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬استغلال‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬من‭ ‬لهم‭ ‬أجندات‭ ‬سياسية‭ ‬استخدموا‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأفراد‭ ‬كمعول‭ ‬هدم‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬معول‭ ‬بناء‭ ‬لدولهم،‭ ‬حيث‭ ‬جندت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأنظمة‭ ‬والمنظمات‭ ‬الراديكالية‭ ‬فئات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬ومآرب‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬حديثة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تبوء‭ ‬مناصب‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬البرلمان،‭ ‬متغلغلة‭ ‬من‭ ‬خلالهم‭ ‬في‭ ‬أهم‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة‭ ‬مستغلة‭ ‬بعض‭ ‬المفاهيم‭ ‬المغلوطة‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬التعارض‭ ‬بين‭ ‬الانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬والانتماء‭ ‬العرقي‭ ‬أو‭ ‬الطائفي‭. ‬

لذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسات‭ ‬مكثفة‭ ‬لنشر‭ ‬الوعي‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬المجتمعات‭ ‬لتتماشى‭ ‬مع‭ ‬التطور‭ ‬الديمقراطي‭ ‬خصوصاً‭ ‬لدى‭ ‬الشريحة‭ ‬الناشئة‭ ‬والتي‭ ‬ترث‭ ‬المفاهيم‭ ‬الخاطئة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بيئتها‭ ‬البسيطة‭ ‬والأجيال‭ ‬القديمة،‭ ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬أستنقص‭ ‬من‭ ‬حركات‭ ‬مهمة‭ ‬ومثقفة‭ ‬دفعت‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬نشر‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬العربية‭ ‬لكنها‭ ‬للأسف‭ ‬كانت‭ ‬فئة‭ ‬نخبوية‭ ‬وأفل‭ ‬نجمها‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انشغال‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬بالصراعات‭ ‬الداخلية‭ ‬الخاوية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترتقي‭ ‬لمستوى‭ ‬تطوير‭ ‬الدول،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬التعريف‭ ‬بأهم‭ ‬المفاهيم‭ ‬والممارسات‭ ‬السياسية‭ ‬يسهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬جيل‭ ‬واع‭ ‬ومدرك‭ ‬لكيفية‭ ‬تطويع‭ ‬حقوقه‭ ‬الدستورية‭ ‬لرفعة‭ ‬وبناء‭ ‬دولته،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الدساتير‭ ‬والقوانين‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬سطورا‭ ‬في‭ ‬أوراق‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬الفرد‭ ‬تسطيرها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬بأفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬رفع‭ ‬شأن‭ ‬وطنه‭ ‬كهدف‭ ‬أساسي‭.‬

إن‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬نشر‭ ‬واستغلال‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬نصت‭ ‬عليها‭ ‬الدساتير‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الانضمام‭ ‬لفلول‭ ‬يسمون‭ ‬أنفسهم‭ ‬“المعارضة”‭ ‬والذين‭ ‬يتخذون‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬الدموية‭ ‬والإرهاب‭ ‬حُجة‭ ‬وعذرا‭ ‬لتحقيق‭ ‬مآربهم‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنهم‭ ‬يقنعون‭ ‬المجتمع‭ ‬بأنهم‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬حقوقهم‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬منصوصة‭ ‬في‭ ‬الدساتير‭ ‬لكن‭ ‬الجهل‭ ‬بها‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬التغرير‭ ‬بهم‭.‬