متى يعود السلام لسوريا؟

| عبدعلي الغسرة

طال‭ ‬الصراع‭ ‬المُظلم‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬والذي‭ ‬راح‭ ‬ضحيته‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬السوري،‭ ‬تقتيلًا‭ ‬وتجريحًا‭ ‬وتهجيرًا،‭ ‬وتدمير‭ ‬الأرض‭ ‬السورية،‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬القتال‭ ‬بين‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬والمعارضين‭ ‬له؛‭ ‬لم‭ ‬يُحقق‭ ‬أحد‭ ‬أي‭ ‬انتصار‭ ‬يُذكر‭ ‬لا‭ ‬أرضًا‭ ‬ولا‭ ‬جوًا،‭ ‬ومما‭ ‬زاد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬مساندة‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬والنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬بكل‭ ‬ميليشياته‭ ‬العربية‭ ‬والإيرانية‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعارك‭ ‬الدامية‭.‬

سقطت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬السورية‭ ‬وبعضها‭ ‬أفنيت‭ ‬حجرًا‭ ‬وبشرًا،‭ ‬وبقت‭ ‬مجرد‭ ‬أكوام‭ ‬من‭ ‬الحجارة،‭ ‬واليوم‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬إدلب‭ ‬لتكون‭ ‬ضحية‭ ‬أخرى‭ ‬ومن‭ ‬يسكنها‭ ‬لتنضم‭ ‬إلى‭ ‬أخواتها‭ ‬من‭ ‬المُدن‭ ‬السورية‭ ‬التي‭ ‬أُهلكت،‭ ‬ماذا‭ ‬يُريد‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬من‭ ‬سوريا؟‭ ‬وماذا‭ ‬تريد‭ ‬الأطراف‭ ‬المتنازعة؟‭ ‬وماذا‭ ‬يتوقع‭ ‬الطرفان‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الضروس؟‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سينجز‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعارك‭ ‬الضارية‭ ‬هو‭ ‬أرض‭ ‬مُحترقة‭ ‬وديار‭ ‬بلا‭ ‬بشر؛؛‭ ‬وحتى‭ ‬الذين‭ ‬هاجروا‭ ‬وفروا‭ ‬من‭ ‬ديارهم‭ ‬لن‭ ‬يعودوا،‭ ‬وإن‭ ‬عادوا‭ ‬فأين‭ ‬يسكنون؟‭ ‬فقد‭ ‬نالت‭ ‬مدنهم‭ ‬وديارهم‭ ‬حظها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أنتجته‭ ‬مصانع‭ ‬الأسلحة‭ ‬والعتاد‭ ‬من‭ (‬الكيماوي‭ ‬والكلور‭ ‬السام‭ ‬والقنابل‭ ‬الانشطارية‭ ‬والفوسفورية‭ ‬والنابالم‭ ‬والبراميل‭ ‬والحاويات‭ ‬المتفجرة‭ ‬والألغام‭ ‬البحرية‭) ‬وإلقاء‭ ‬صهاريج‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ (‬سعة‭ ‬الصهريج‭ ‬عشرة‭ ‬أطنان‭) ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬حرق‭ ‬المحاصيل‭ ‬ورجم‭ ‬المستشفيات‭ ‬وتفجير‭ ‬المدارس،‭ ‬وهو‭ ‬إبداع‭ ‬إجرامي‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬هذه‭ ‬المعارك‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يستمر‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬بيع‭ ‬بضاعته‭ ‬الإعلامية‭ ‬من‭ ‬منصات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والإعلام‭ ‬العالمي‭ ‬بأنه‭ ‬يحارب‭ ‬الإرهاب‭ ‬والإرهابيين،‭ ‬ومن‭ ‬يقف‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬يشاركون‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬ذبح‭ ‬سوريا‭ ‬وقتل‭ ‬السوريين،‭ ‬وجل‭ ‬ما‭ ‬قالوه‭ (‬إن‭ ‬جرائم‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬تتصف‭ ‬بأنها‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭)! ‬إنها‭ ‬حرب‭ ‬ليست‭ ‬متكافئة‭ ‬بين‭ ‬طرف‭ ‬وأطراف‭ ‬عدة‭ (‬النظام‭ ‬وروسيا‭ ‬وإيران‭ ‬وميليشياتها‭) ‬حرب‭ ‬تدمير‭ ‬لا‭ ‬تحرير،‭ ‬حرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المصالح‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سوريا‭ ‬وشعبها‭.‬

فمن‭ ‬أجل‭ ‬المصالح‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬لتحترق‭ ‬سوريا،‭ ‬لتحترق‭ ‬الرقة‭ ‬وإدلب‭ ‬والسويداء‭ ‬وكل‭ ‬مدينة‭ ‬تصل‭ ‬إليها‭ ‬أسلحتهم،‭ ‬كانت‭ ‬الأرض‭ ‬السورية‭ ‬بعد‭ ‬الشتاء‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬ألوان‭ ‬الربيع،‭ ‬لكنها‭ ‬الآن‭ ‬أصبحت‭ ‬تكتسي‭ ‬السواد‭ ‬بفعل‭ ‬الحرائق‭ ‬وتلك‭ ‬الأسلحة،‭ ‬إنه‭ ‬وضع‭ ‬كارثي‭ ‬يؤلمنا‭ ‬كما‭ ‬يؤلم‭ ‬السوريين‭ ‬جميعًا،‭ ‬وجميعنا‭ ‬ننتظر‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬أمده،‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬هزمته‭ ‬معارك‭ ‬السنوات‭ ‬الثماني،‭ ‬وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬الدمار‭ ‬والهلاك‭ ‬مَن‭ ‬سيُعمر‭ ‬سوريا‭ ‬ويبني‭ ‬مدنها؟‭ ‬فسوريا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬2011م‭ ‬سياسيًا‭ ‬واقتصاديًا،‭ ‬أصبحت‭ ‬شيئًا‭ ‬آخر‭.‬