إيران‭: ‬جَلد‭ ‬الشاة‭ ‬ميتة‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مجدٍ‭ (‬2‭)‬

| أمير طاهري

نظرياً؛‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يعرقل‭ ‬“اتفاق”‭ ‬أوباما‭ ‬قدرة‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬تصنيع‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬لمدة‭ ‬عامين‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬كذلك‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬تجارة‭ ‬إيران‭ ‬وسياساتها‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتصنيع‭ ‬لرقابة‭ ‬مجموعة‭ ‬دول‭ (‬5+1‭)‬،‭ ‬ونظراً‭ ‬لعدم‭ ‬كون‭ ‬“خطة‭ ‬العمل”‭ ‬معاهدة،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬غير‭ ‬ملزمة‭ ‬قانوناً،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أخذ‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الإمكانات‭ ‬النظرية‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجدّ‭. ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬قدّم‭ ‬خدمة‭ ‬جليلة‭ ‬للجميع‭ ‬بكشف‭ ‬احتيال‭ ‬تلك‭ ‬الخطة،‭ ‬والسعي‭ ‬نحو‭ ‬عقد‭ ‬جولة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬المفاوضات‭ ‬لمعالجة‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تأزم‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والعالم‭ ‬الخارجي‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الأربعة‭ ‬الماضية‭.‬

المسار‭ ‬الذي‭ ‬يتسم‭ ‬بالحكمة،‭ ‬ويفيد‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬كافة،‭ ‬هو‭ ‬دفن‭ ‬“الحمار‭ ‬الميت”،‭ ‬وإفساح‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬مبادرات‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬قانوني،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬استغلال‭ ‬قمة‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬السبع‭ ‬الكبرى‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬“شهادة‭ ‬وفاة‭ ‬للحمار”،‭ ‬ودعوة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الملف‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬تخلى‭ ‬عنه‭ ‬أوباما،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إجراء‭ ‬مفاوضات‭ ‬جديدة‭ ‬لمناقشة‭ ‬طلبات‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬كافة،‭ ‬ويمكن‭ ‬ضمّ‭ ‬القائمة‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬12‭ ‬مطلباً،‭ ‬والتي‭ ‬نشرها‭ ‬مايك‭ ‬بومبيو،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركي،‭ ‬إلى‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقاً،‭ ‬لا‭ ‬كأمر‭ ‬مفروض،‭ ‬بل‭ ‬كإسهام‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬تتسم‭ ‬بالشفافية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬وسط‭.‬

ربما‭ ‬يعترض‭ ‬البعض‭ ‬بالقول‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الوثوق‭ ‬في‭ ‬زعيم‭ ‬طهران‭ ‬ذي‭ ‬التوجه‭ ‬الخميني‭ ‬تحت‭ ‬أية‭ ‬ظروف‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬خداع‭ ‬ترامب‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬سلَفه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستسلام‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الممكن‭ ‬استبعاد‭ ‬ذلك‭ ‬الاحتمال،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الملالي‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬حرج‭ ‬جداً،‭ ‬وأن‭ ‬إنقاذ‭ ‬أنفسهم‭ ‬بالخداع‭ ‬والتضليل‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬سهلاً‭ ‬لسببين؛‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتراجع‭ ‬ترامب‭ ‬ويعود‭ ‬إلى‭ ‬التصديق‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بـ‭ ‬“أسوأ‭ ‬اتفاق‭ ‬في‭ ‬التاريخ”،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬الحالية‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬تكلفه‭ ‬شيئاً‭ ‬فعلياً،‭ ‬ويتفاخر‭ ‬مرشد‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬بعدم‭ ‬لجوء‭ ‬نظامه‭ ‬إلى‭ ‬“استجداء”‭ ‬عقد‭ ‬محادثات‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬مع‭ ‬“الشيطان‭ ‬الأكبر”،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬حسن‭ ‬روحاني،‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬محمد‭ ‬جواد‭ ‬ظريف،‭ ‬يتغنيان‭ ‬بإمكانية‭ ‬عقد‭ ‬مفاوضات‭ ‬جديدة‭ ‬كما‭ ‬يريد‭ ‬ترامب،‭ ‬وقد‭ ‬دعا‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬“المجلس‭ ‬الإسلامي”؛‭ (‬البرلمان‭ ‬المصطنع‭)‬،‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬“الحد‭ ‬من‭ ‬التوتر”‭. ‬السبب‭ ‬الثاني،‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬الملالي‭ ‬ممارسة‭ ‬الخداع‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الخميني‭ ‬يمرّ‭ ‬بأزمة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الفساد‭ ‬المستشري،‭ ‬والفشل‭ ‬الإداري،‭ ‬والصراعات‭ ‬الطاحنة‭ ‬التي‭ ‬تنتقص‭ ‬من‭ ‬شرعيته‭ ‬مع‭ ‬تنامي‭ ‬وتصاعد‭ ‬المعارضة‭ ‬الشعبية‭.‬

لقد‭ ‬حان‭ ‬وقت‭ ‬إعلان‭ ‬وفاة‭ ‬“خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة”‭ ‬ودفنها،‭ ‬وسوف‭ ‬يشجّع‭ ‬إخفاق‭ ‬قمة‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬السبع‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬موحد‭ ‬بنّاء‭ ‬بشأن‭ ‬المشكلة‭ ‬الإيرانية‭ ‬الملالي‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬أضرّت‭ ‬إيران‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬أفادتها،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬أضرّت‭ ‬معها‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬طوال‭ ‬العقود‭ ‬الأربعة‭ ‬الماضية‭. ‬“الشرق‭ ‬الأوسط”‭.‬