ستة على ستة

إسرائيل وقرار استدعاء طفل للتحقيق

| عطا السيد الشعراوي

يعد‭ ‬خوف‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬المفارقات‭ ‬المستمرة،‭ ‬خصوصا‭ ‬منذ‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الأولى‭ ‬أو‭ ‬انتفاضة‭ ‬الحجارة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬8‭ ‬ديسمبر‭ ‬1987،‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬سائق‭ ‬شاحنة‭ ‬إسرائيلي‭ ‬بدهس‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العمّال‭ ‬الفلسطينيّين،‭ ‬وكان‭ ‬الأطفال‭ ‬حاملي‭ ‬راية‭ ‬هذه‭ ‬الانتفاضة‭ ‬وأداتها‭ ‬الأساسية،‭ ‬فبات‭ ‬هؤلاء‭ ‬العدو‭ ‬“المربك”‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬بما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬وعتاد‭.‬

وقبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬شهد‭ ‬مسلسل‭ ‬التحدي‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬حلقة‭ ‬جديدة‭ ‬انتصر‭ ‬فيها‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬قهر‭ ‬الاحتلال‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أجبرت‭ ‬ورضخت‭ ‬شرطته‭ ‬وقامت‭ ‬بإلغاء‭ ‬قرار‭ ‬استدعاء‭ ‬الطفل‭ ‬محمد‭ ‬ربيع‭ ‬عليان‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬أربعة‭ ‬أعوام‭ ‬بعد‭ ‬اتهامه‭ ‬بإلقاء‭ ‬حجارة‭ ‬باتجاه‭ ‬مركبة‭ ‬تابعة‭ ‬للاحتلال‭ ‬خلال‭ ‬اقتحامها‭ ‬بلدة‭ ‬العيسوية‭ ‬بمدينة‭ ‬القدس‭ ‬المحتلة‭ ‬والتي‭ ‬تخضع‭ ‬لحصار‭ ‬عسكري‭ ‬إسرائيلي‭ ‬خانق‭ ‬منذ‭ ‬شهور‭.‬

إلغاء‭ ‬استدعاء‭ ‬التحقيق‭ ‬مع‭ ‬الطفل‭ ‬عليان‭ ‬يؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬التكاتف‭ ‬الشعبي‭ ‬والوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬بأن‭ ‬الحق‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ينتصر‭ ‬لكنه‭ ‬يحتاج‭ ‬لإرادة‭ ‬قوية‭ ‬وعدم‭ ‬يأس‭ ‬وإصرار‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬لهذا‭ ‬الحق‭ ‬باتباع‭ ‬كل‭ ‬السبل‭ ‬المشروعة،‭ ‬لكنه‭ ‬عكس‭ ‬أيضًا‭ ‬مدى‭ ‬الغطرسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وعدم‭ ‬احترامها‭ ‬أي‭ ‬قانون‭ ‬أو‭ ‬أخلاق،‭ ‬فهي‭ ‬دولة‭ ‬مغتصبة‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬إلا‭ ‬بالقوة‭ ‬بمفهومها‭ ‬الواسع‭ ‬والوحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مصادر‭ ‬القوة،‭ ‬وقد‭ ‬تجسدت‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬الشعبي‭ ‬ومرافقة‭ ‬عشرات‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتواجدهم‭ ‬مع‭ ‬الطفل‭ ‬عليان‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬التحقيق‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الذين‭ ‬انتشروا‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬المكان،‭ ‬فكان‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬التحقيق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ضباط‭ ‬الاحتلال‭ ‬مع‭ ‬والد‭ ‬الطفل‭ ‬ثم‭ ‬الإفراج‭ ‬عنه‭ ‬والتهديد‭ ‬باعتقال‭ ‬طفله‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عاد‭ ‬ورمى‭ ‬حجارة‭ ‬مع‭ ‬توجيه‭ ‬“النصح”‭ ‬للأب‭ ‬بأن‭ ‬ينتبه‭ ‬لطفله‭.‬

قرار‭ ‬استدعاء‭ ‬الطفل‭ ‬عليان‭ ‬يعكس‭ ‬سعي‭ ‬إسرائيل‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬هاجس‭ ‬يؤرقها‭ ‬ويقض‭ ‬مضجعها،‭ ‬أي‭ ‬أطفال‭ ‬الحجارة،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخشى‭ ‬من‭ ‬حساب‭ ‬إقليمي‭ ‬أو‭ ‬دولي‭ ‬ولا‭ ‬تقيم‭ ‬وزنا‭ ‬للمنظمات‭ ‬التي‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والأطفال،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬معايير‭ ‬القوة‭ ‬والأسلحة‭ ‬الفتاكة‭ ‬الكثير‭ ‬والكثير،‭ ‬وتعيش‭ ‬الآن‭ ‬وضعا‭ ‬مثاليا‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬العمل‭ ‬لأجل‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العقدة‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭.‬

“أطفال‭ ‬الحجارة‭ ‬الهاجس‭ ‬الذي‭ ‬يؤرق‭ ‬إسرائيل‭ ‬ويقض‭ ‬مضجعها”‭.‬