عن رسائل المواطنين.. “صدق لو لا؟”

| سعيد محمد

سؤال‭ ‬للقراء‭ ‬الكرام‭:‬”يا‭ ‬ترى،‭ ‬كم‭ ‬مرة‭ ‬اضطررت‭ ‬لأن‭ ‬تكتب‭ ‬رسالة‭ ‬عن‭ ‬مشكلة‭ ‬تواجهها‭ ‬وترفعها‭ ‬إلى‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية،‭ ‬ثم‭ ‬تصبح‭ ‬رسالتك‭ ‬في‭ ‬طي‭ ‬النسيان؟”،‭ ‬وكم‭ ‬مرة‭ ‬وجدت‭ ‬نفسك‭ ‬أمام‭ ‬مراجعة‭ ‬تلو‭ ‬المراجعة‭ ‬وزيارة‭ ‬تلو‭ ‬الزيارة‭ ‬بلا‭ ‬فائدة؟‭ ‬وكم‭ ‬مرة‭ ‬كنت‭ ‬تتوقع‭ ‬حلًا‭ ‬سريعًا‭ ‬لمشكلتك‭ ‬“التي‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬بسيطة‭ ‬ولا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المدد‭ ‬من‭ ‬الانتظار”،‭ ‬ثم‭ ‬ضربت‭ ‬أسداس‭ ‬بأخماس‭ ‬وخرجت‭ ‬صفر‭ ‬اليدين؟‭ ‬يضطر‭ ‬المواطن‭ ‬لأن‭ ‬يرفع‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الجهة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭.. ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الهيئة‭.. ‬هذا‭ ‬المكتب‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسة‭.. ‬لأنهم‭ ‬هناك،‭ ‬قالوا‭ ‬له‭:‬”اكتب‭ ‬رسالة‭ ‬واشرح‭ ‬فيها‭ ‬مشكلتك‭ ‬وهاتها”‭.. ‬حلو‭.. ‬كلام‭ ‬طيب‭.. ‬وباعث‭ ‬على‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الأمل،‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الرسالة‭ ‬جاهزة‭.‬

يمر‭ ‬أسبوع‭... ‬أسبوعان‭.. ‬شهر‭.. ‬شهران‭.. ‬سنة‭ ‬وأكثر‭.. ‬لا‭ ‬حس‭ ‬ولا‭ ‬خبر‭! ‬يتواصل‭ ‬مع‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬أرسل‭ ‬لها‭ ‬الرسالة‭.. ‬يدخل‭ ‬هذا‭ ‬المكتب‭ ‬ويخرج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المكتب‭.. ‬بلا‭ ‬فائدة‭.. ‬وأحيانًا‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬القهر‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬خيبة‭ ‬الأمل‭ ‬وربما‭ ‬الحيرة‭.. ‬يدخل‭ ‬“المواطن‭ ‬المرسل”‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬“تواصل”،‭ ‬ويتتبع‭ ‬مسار‭ ‬شكواه‭.. ‬لعل‭ ‬القادم‭ ‬خير‭.‬

يأتي‭ ‬الجواب‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬مليئًا‭ ‬بالتشاؤم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬بأس‭.. ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬برسالتك‭ ‬الأولى‭.. ‬“تدري‭ ‬شلون؟”،‭ ‬أكتب‭ ‬رسالة‭ ‬أخرى‭ ‬وأحضرها‭.. ‬ما‭ ‬يصير‭ ‬خاطرك‭ ‬إلا‭ ‬طيب‭.. ‬حلو‭ ‬الكلام‭.. ‬وهاهي‭ ‬الرسالة‭ ‬الثانية‭ ‬وتتبعها‭ ‬الثالثة‭ ‬والرابعة‭.. ‬بالإمكان،‭ ‬وبكل‭ ‬بساطة،‭ ‬إخبار‭ ‬هذا‭ ‬المواطن‭ ‬المواطنة،‭ ‬بأن‭ ‬الجواب‭ ‬بوضوح‭ ‬هو‭:‬”ما‭ ‬نقدر‭!‬”،‭ ‬أما‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬الرسائل‭ ‬تلو‭ ‬الرسائل‭ ‬تتنقل‭ ‬عبر‭ ‬المجهول‭ ‬فهذا‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬إطلاقًا،‭ ‬ولا‭ ‬يليق‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬هؤلاء‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬ورجاء‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬سراب‭ ‬كاذب‭.‬

صباح‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭.. ‬الأول‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬الجاري،‭ ‬تحدث‭ ‬أحد‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬“صباح‭ ‬الخير‭ ‬يا‭ ‬بحرين”‭ ‬عن‭ ‬معاناته‭ ‬مع‭ ‬إحدى‭ ‬الجامعات،‭ ‬والمشوار‭ ‬الذي‭ ‬قطعه‭ ‬في‭ ‬تتبع‭ ‬رسالته،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬جزئية‭ ‬“تبط‭ ‬الجبد”‭ ‬وتثير‭ ‬الحسرة‭:‬”رسالتك‭ ‬أصلًا‭ ‬ما‭ ‬ندري‭ ‬عنها‭!‬”،‭ ‬والأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬مقدمة‭ ‬البرنامج‭ ‬“بطت‭ ‬البرمة”‭ ‬وقالت‭:‬”هذه‭ ‬الجهة‭.. ‬كثرت‭ ‬عليها‭ ‬شكاوى‭ ‬إهمال‭ ‬الرسائل‭ ‬وكثرت‭ ‬ملاحظات‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬رسائلهم‭ ‬التي‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬الأدراج‭ ‬لمدد‭ ‬طويلة‭.. ‬تكررت‭ ‬الشكاوى”‭.. ‬إذن،‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬مثال‭ ‬واحد،‭ ‬وبالطبع،‭ ‬الأمثلة‭ ‬كثيرة‭.. ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬الخير،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تكونوا‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬مسئولية‭ ‬التصريحات‭ ‬الصحفية‭ ‬والبهرجات‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬وخدمتهم،‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬تقولوا‭ ‬لهم‭ ‬بصريح‭ ‬العبارة‭:‬”أكتبوا‭ ‬رسائلكم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬نضعها‭ ‬في‭ ‬الأدراج‭ ‬ونغلق‭ ‬والسلام‭ ‬ختام”‭.‬