قهوة الصباح

يسألونك عن هيئة الكهرباء

| سيد ضياء الموسوي

أعتقد‭ ‬ان‭ ‬بعض‭ ‬مسؤولي‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬قراءة‭ ‬كتاب‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬لتوماس‭ ‬بن‭ ‬ليشعروا‭ ‬بمعاناة‭ ‬المواطنين‭. ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬نعوم‭ ‬تشومسكي‭ ‬في‭ ‬كتبه‭ ‬أنه‭ ‬“لا‭ ‬مكان‭ ‬للصدفة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الحياة،‭ ‬فلا‭ ‬يحدث‭ ‬شيء‭ ‬بشكل‭ ‬اعتباطي”،‭ ‬كذلك‭ ‬حال‭ ‬بعض‭ ‬مسؤولي‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭. ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬اقل‭ ‬حظا‭ ‬من‭ ‬سمعة‭ ‬مدينة‭ ‬كالي‭ ‬الكولومبية‭ ‬ولكن‭ ‬الاختلاف‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬الكهرباء‭ ‬لدى‭ ‬البحرينيين‭. ‬فهيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬أصبحت‭ ‬اكثر‭ ‬سرعة‭ ‬في‭ ‬تضخم‭ ‬الفواتير‭ ‬من‭ ‬موسيقى‭ ‬السالسا‭ ‬سريعة‭ ‬الإيقاع‭ ‬والتحول،‭ ‬والتصعيد،‭ ‬وهي‭ ‬أشبه‭ ‬بالقطار‭ ‬الياباني‭ ‬الذي‭ ‬اطلق‭ ‬عليه‭ ‬بالرصاصة‭ ‬لسرعته،‭ ‬ذلك‭ ‬لشئ‭ ‬بسيط‭ ‬هي‭ ‬غياب‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية،‭ ‬وانشغال‭ ‬بعض‭ ‬نوابنا‭ ‬الأفاضل‭ ‬بخطابات‭ ‬الشو‭ ‬والتقاط‭ ‬الصور‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬وكأنهم‭ ‬في‭ ‬رقصة‭ ‬المامبو‭ ‬الكوبي‭ ‬ذي‭ ‬الإيقاع‭ ‬البورتوريكي‭. ‬أصبحت‭ ‬الهيئة‭ ‬متجذرة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أطباق‭ ‬فواتير‭ ‬شهية‭ ‬لجيوب‭ ‬المواطنين‭. ‬سيكولوجيا‭ ‬كل‭ ‬شي‭ ‬تقاومه‭ ‬يتجذر،‭ ‬وأصبحنا‭ ‬كلما‭ ‬انتقدنا‭ ‬الكهرباء‭ ‬تجذر‭ ‬في‭ ‬التمادي‭ ‬وذلك‭ ‬لنوم‭ ‬المحاسبة‭. ‬

إن‭ (‬سيكوباتية‭) ‬خنق‭ ‬جيوب‭ ‬المواطنين‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬اصبح‭ ‬عقدة‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬إدارات‭ ‬الهيئة‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إشعارات‭ ‬إنذارات‭ ‬القطع‭ ‬الى‭ ‬كوابيس‭ ‬تأتي‭ ‬للتجار‭ ‬في‭ ‬المنام‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬فقراء‭ ‬المواطنتين‭. ‬والهيئة‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬ذوبان‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭. ‬منذ‭ ‬سنتين‭ ‬وأنا،‭ ‬وغيري‭ ‬نصرخ‭ ‬في‭ ‬برية‭ ‬الصحافة،‭ ‬ان‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬مراقبة،‭ ‬والى‭ ‬شفط‭ ‬شحوم‭ ‬ترهل‭ ‬قراراتها‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬المواطنين‭ ‬بسمنة‭ ‬في‭ ‬الحزن‭ ‬وأنيميا‭ ‬في‭ ‬الفرح‭. ‬أصبحت‭ ‬الهيئة،‭ ‬وبعض‭ ‬المتنفذين‭ ‬فيها‭ ‬أشبه‭ ‬بالمصابين‭ ‬بمرض‭ ‬السادية‭ ‬في‭ ‬التمتع‭ ‬بجلد‭ ‬سياط‭ ‬المواطنين‭ ‬بالفواتير،‭ ‬وارتفاع‭ ‬التسعيرات‭ ‬وزرع‭ ‬أجهزتهم‭ ‬المركبة‭ ‬بالبيوت‭ ‬كأنها‭ ‬عفاريت‭ ‬والتي‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يصيفنها‭ ‬بانها‭ ‬مقدسة‭ ‬عن‭ ‬الخطأ،‭ ‬ولا‭ ‬يهمهم‭ ‬سقط‭ ‬فقير‭ ‬ضحية‭ ‬صيف‭ ‬لاهب‭ ‬أو‭ ‬عائلة‭ ‬منكوبة‭ ‬على‭ ‬رصيف‭ ‬منزلها‭ ‬تتوسل‭ ‬رجوع‭ ‬الكهرباء،‭ ‬وكل‭ ‬همهم‭ ‬تذكيرنا‭ ‬بصدقاتهم‭ ‬ام‭ ‬عشرة‭ ‬دينار‭ ‬وان‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬معفية‭ ‬من‭ ‬الفقراء‭ ‬الآيلين‭ ‬للسقوط‭ !!‬قلت‭ ‬سابقا‭: ‬لو‭ ‬أقيم‭ ‬حفل‭ ‬تتويج‭ ‬لأكثر‭ ‬مؤسسة‭ ‬حكومية‭ ‬تستطيع‭ ‬الفوز‭ ‬بملكة‭ ‬ارتفاع‭ ‬الفواتير،‭ ‬والأقل‭ ‬شعبية‭ ‬من‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬لدى‭ ‬الناس‭ ‬لفازت‭ ‬الهيئة‭ ‬بالأولى‭ ‬مع‭ ‬مرتبة‭ ‬الشرف‭. ‬

التجار‭ ‬يجّزون‭ ‬شعرهم‭ ‬غضبا‭ ‬لما‭ ‬لاقوه‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬قادتهم‭ ‬للإفلاس،‭ ‬والمواطنون‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬ذبحات‭ ‬مالية‭ ‬بسبب‭ ‬ذات‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬التخبط‭. ‬العقارات‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬هبطت‭ ‬بسبب‭ ‬هروب‭ ‬الأجانب‭ ‬المستأجرين‭ ‬بسبب‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والعالم‭ ‬يضج،‭ ‬والدخان‭ ‬يتصاعد‭ ‬من‭ ‬القلوب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الهيئة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬تفكيك‭ ‬ثم‭ ‬إعادة‭ ‬تركيب‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الفلاسفة‭. ‬

وعدتكم‭ ‬أني‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬سأبدأ‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الوزارت،‭ ‬ومنها‭ ‬الهيئة‭ ‬كي‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬متسع‭ ‬لانتشار‭ ‬الأكسجين‭ ‬الذي‭ ‬صادرته‭ ‬الهيئة،‭ ‬ولم‭ ‬تبث‭ ‬لنا‭ ‬إلا‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الأحزان‭. ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬سيكولوجيا‭ ‬شعرت‭ ‬بالزهو‭ ‬الممزوج‭ ‬بالـ‭ ‬“الشطارة”‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬نفضت‭ ‬جيوب‭ ‬المواطنين،‭ ‬والمتصدرين‭ ‬في‭ ‬الإيرادات،‭ ‬وظلت‭ ‬تمشي‭ ‬طربا‭ ‬بكبرياء،‭ ‬وهي‭ ‬تمتلك‭ ‬كأس‭ (‬الإنجاز‭ ‬العظيم‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬تبالغ‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬تسعيرة‭ ‬الوحدات،‭ ‬وملاحقة‭ ‬المواطنين‭ ‬بسلاح‭ ‬قطع‭ ‬الكهرباء‭ ‬الفوري،‭ ‬شعرت‭ ‬بالزهو‭ ‬المتصاعد‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬شرطة‭ ‬الكوبوي‭ ‬حتى‭ ‬انفجرت‭ ‬الصرخات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬مطالبة‭ ‬بوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬الجنون‭. ‬والذي‭ ‬زاد‭ ‬في‭ ‬طرزانيتها‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬صمت،‭ ‬وكأن‭ ‬الأمر‭ ‬اصبح‭ ‬واقعا‭.‬

موقف‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬الجنون‭ ‬موقف‭ ‬مهم‭ ‬ونبيل‭ ‬في‭ ‬التحسس‭ ‬للمواطنين،‭ ‬ولهذا‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يترك‭ ‬الأمر‭ ‬يمر‭ ‬عابرا‭. ‬على‭ ‬الصحافة‭ ‬أن‭ ‬تكشر‭ ‬عن‭ ‬أنيابها،‭ ‬وعلى‭ ‬النواب‭ ‬أن‭ ‬يواصلوا‭ ‬في‭ ‬ملاحقة‭ ‬مهزلة‭ ‬قرارات‭ ‬الهيئة،‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المسؤولين‭ ‬الذين‭ ‬انتشوا‭ ‬طيلة‭ ‬الفترات‭ ‬الماضية‭ ‬طربا،‭ ‬وهم‭ ‬يجلدون‭ ‬ظهور‭ ‬الناس‭ ‬بسياط‭ ‬الارتفاع،‭ ‬والمرور‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬عائلة‭ ‬تذوب‭ ‬في‭ ‬الحر‭ ‬اللاهب‭ ‬كزبدة‭ ‬تعرضت‭ ‬لحرارة‭ ‬أغسطس‭. ‬

كتب‭ ‬سابقا‭ ‬عشرات‭ ‬المقالات‭ ‬عن‭ ‬الهيئة،‭ ‬وغيرها،‭ ‬وكذلك‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬همها‭ ‬وضع‭ ‬المساحيق‭ ‬الملونة،‭ ‬والمكياج‭ ‬على‭ ‬أرقام‭ ‬البطالة‭ ‬رغم‭ ‬وفرة‭ ‬بطالة‭ ‬الأطباء‭ ‬وفائض‭ ‬الطيارين‭ ‬العاطلين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬وسأعاود‭ ‬بعد‭ ‬اختيار‭ ‬التوقيت‭ ‬الأنسب‭ ‬لنرى‭ ‬اين‭ ‬وصلنا‭. ‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬تصيبنا‭ ‬الكهرباء‭ ‬بمجاعة‭ ‬شبيه‭ ‬بالمجاعة‭ ‬الإيرلندية‭ ‬أيام‭ ‬ماركس‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التحرك‭. ‬ختاما‭ ‬اقول‭ ‬لهيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭: ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬راجعت‭ ‬سياساتها،‭ ‬وحاولت‭ ‬ترميم‭ ‬ما‭ ‬افسده‭ ‬عطار‭ ‬الهيئة‭ (‬أحيانا‭ ‬قد‭ ‬تعود‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬مجاريها‭.. ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تعود‭ ‬صالحة‭ ‬للشرب‭) ‬مع‭ ‬الاعتذار‭ ‬لمياه‭ ‬الوزارة‭ ‬وكهربتها‭.‬