أمير طاهري

إيران: جَلد الشاة ميتة أمر غير مجدٍ (1)

| أمير طاهري

من‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬غير‭ ‬المجدية؛‭ ‬يعدّ‭ ‬ضرب‭ ‬حمار‭ ‬ميت‭ ‬أملاً‭ ‬في‭ ‬إجباره‭ ‬على‭ ‬التحرك‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬عبثاً‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬ونحن‭ ‬نشهد‭ ‬حالياً‭ ‬مثالاً‭ ‬حياً‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الإيماءات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬للإبقاء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬“الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني”‭ ‬وذلك‭ ‬بوضعه‭ ‬على‭ ‬جهاز‭ ‬التنفس‭ ‬الصناعي‭.‬

يتظاهر‭ ‬الأوروبيون‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬مشروب‭ ‬سحري‭ ‬يعيد‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬“الحمار‭ ‬الميت”،‭ ‬ويجعله‭ ‬يركض‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قريب،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يؤكد‭ ‬قادة‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬أتباع‭ ‬الخميني‭ ‬أن‭ ‬الحمار‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬حياً‭ ‬ومعافى؛‭ ‬لكنهم‭ ‬يستمرون‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬ونقل‭ ‬أرجله‭ ‬الواحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬ويقوم‭ ‬الروس‭ ‬والصينيون‭ ‬بالترفيه‭ ‬عن‭ ‬“الحمار‭ ‬الميت”‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنهم‭ ‬غير‭ ‬مهتمين‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬حياً‭ ‬أم‭ ‬ميتاً‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬“الاتفاق”،‭ ‬الذي‭ ‬يُعرف‭ ‬باسم‭ ‬“خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة”،‭ ‬نظرياً‭ ‬ثمرة‭ ‬الجهود‭ ‬الجماعية‭ ‬للدول‭ ‬الخمس‭ ‬دائمة‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وألمانيا‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬أتباع‭ ‬الخميني‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬الاتفاق‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬بمثابة‭ ‬إكسير‭ ‬حياة‭ ‬شيطاني‭ ‬صنعه‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬باستخدام‭ ‬كل‭ ‬مكون‭ ‬مريب‭ ‬مشبوه‭ ‬وضع‭ ‬يده‭ ‬عليه‭. ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المشاركين‭ ‬السبعة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬انتهكوا‭ ‬وخالفوا‭ ‬شروطه،‭ ‬ووبّخوا‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬للقيام‭ ‬بمثل‭ ‬ذلك‭. ‬لقد‭ ‬بدأ‭ ‬الأميركيون‭ ‬في‭ ‬مخالفة‭ ‬الاتفاق‭ ‬حتى‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬أوباما‭ ‬حين‭ ‬زعموا‭ ‬أن‭ ‬شرط‭ ‬“رفع‭ ‬العقوبات”‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬حقاً‭ ‬إلغاء‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬وعدوا‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬“تعليق”‭ ‬العقوبات،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يمكن‭ ‬العدول‭ ‬عنه‭ ‬متى‭ ‬أرادت‭ ‬واشنطن‭ ‬ذلك‭. ‬لقد‭ ‬منح‭ ‬أوباما‭ ‬الملالي‭ ‬بعض‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬إيران‭ ‬المجمدة‭ ‬لإرضائهم،‭ ‬واعترف‭ ‬بحق‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬اليورانيوم‭ ‬منخفض‭ ‬التخصيب،‭ ‬وهو‭ ‬حق‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬مع‭ ‬ذلك؛‭ ‬نكث‭ ‬عهده‭ ‬بجعل‭ ‬شركة‭ ‬أميركية‭ ‬تشتري‭ ‬مخزون‭ ‬البلوتونيوم‭ ‬الذي‭ ‬جمعه‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬منشأة‭ ‬“آراك”‭ ‬النووية‭ ‬دون‭ ‬سبب‭ ‬مفهوم‭ ‬أو‭ ‬واضح‭.‬

كان‭ ‬خَلَف‭ ‬أوباما؛‭ ‬الرئيس‭ ‬ترمب،‭ ‬صادقاً‭ ‬حين‭ ‬أدان‭ ‬ببساطة‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬ووصفه‭ ‬بالسيئ‭ ‬والضار‭ ‬بالنسبة‭ ‬للجميع،‭ ‬وكذلك‭ ‬لم‭ ‬يلتزم‭ ‬الروس‭ ‬بتعهدهم‭ ‬بموجب‭ ‬الاتفاق‭ ‬بتعليق‭ ‬شراء‭ ‬اليورانيوم‭ ‬عالي‭ ‬التخصيب‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬بعد‭ ‬نقل‭ ‬نصف‭ ‬المخزون‭ ‬فقط‭ ‬خارج‭ ‬إيران،‭ ‬وكذلك‭ ‬لجأ‭ ‬الصينيون‭ ‬إلى‭ ‬التباطؤ‭ ‬والمماطلة‭ ‬لتفادي‭ ‬الوفاء‭ ‬بالتزامهم‭ ‬بإعادة‭ ‬تصميم‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬منشأة‭ ‬آراك‭ ‬النووية‭ ‬لأغراض‭ ‬سلمية،‭ ‬كذلك‭ ‬استخدموا‭ ‬كل‭ ‬حيلة‭ ‬يعرفونها‭ ‬للتملص‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬يدينون‭ ‬بها‭ ‬لإيران‭ ‬مقابل‭ ‬واردات‭ ‬النفط‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬22‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وتجاهل‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬وعودهم‭ ‬المتضمنة‭ ‬في‭ ‬“خطة‭ ‬العمل”؛‭ ‬بالاستمرار‭ ‬في‭ ‬حرمان‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬المتاحة‭ ‬لكل‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬تقريباً‭. ‬كانت‭ ‬إيران‭ ‬الطرف‭ ‬الأكثر‭ ‬ميلاً‭ ‬إلى‭ ‬الغش‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تنوي‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬احترام‭ ‬وعودها‭ ‬والوفاء‭ ‬بها‭. ‬لقد‭ ‬تثاقلت‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬“البروتوكولات‭ ‬الإضافية”،‭ ‬ورفضت‭ ‬فتح‭ ‬كل‭ ‬مواقعها‭ ‬النووية‭ ‬للتفتيش،‭ ‬وكما‭ ‬أشارت‭ ‬بالفعل،‭ ‬لم‭ ‬تتخلص‭ ‬مما‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬البلوتونيوم‭ ‬بالكامل،‭ ‬وقامت‭ ‬بتخصيب‭ ‬ما‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬يورانيوم‭. ‬“الشرق‭ ‬الأوسط”‭.‬