سر تمادي النظام الإيراني

| بدور عدنان

دعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬من‭ ‬المنامة‭ ‬حلفاءها‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬بحرية‭ ‬بقيادتها‭ ‬لتأمين‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وذلك‭ ‬إثر‭ ‬تكرر‭ ‬اعتداءات‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ومضيق‭ ‬هرمز،‭ ‬مهددة‭ ‬بذلك‭ ‬أمن‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭. ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قامت‭ ‬بقرار‭ ‬فردي‭ ‬بالانسحاب‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬“خمسة‭ ‬زائد‭ ‬واحد”‭ ‬دون‭ ‬التنسيق‭ ‬أو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬شركائها‭ ‬الخمسة،‭ ‬ما‭ ‬أجبر‭ ‬بقية‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬أخذ‭ ‬مواقف‭ ‬فردية‭ ‬مراعية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أمنها‭ ‬القومي‭ ‬ومصلحتها‭ ‬الوطنية،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬تجسد‭ ‬واضحاً‭ ‬بعد‭ ‬رفض‭ ‬برلين‭ ‬المشاركة‭ ‬علانية‭ ‬في‭ ‬التحالف‭ ‬الذي‭ ‬دعت‭ ‬إليه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬من‭ ‬المنامة‭.‬

وبررت‭ ‬ألمانيا‭ ‬ذلك‭ ‬برفضها‭ ‬سياسات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬والتزامها‭ ‬بالحل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬كخيار‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬موقف‭ ‬برلين‭ ‬هو‭ ‬الأول‭ ‬بين‭ ‬أميركا‭ ‬وأطراف‭ ‬الاتفاق‭ ‬الدال‭ ‬على‭ ‬الشقاق‭ ‬السياسي،‭ ‬فالموقف‭ ‬الروسي‭ ‬واضح‭ ‬المعالم‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬التنافس‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬القطبين‭ ‬الروسي‭ ‬والأميركي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تجد‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬حليفاً‭ ‬لها‭ ‬ضد‭ ‬أميركا‭ ‬وعلى‭ ‬إثر‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬المناورات‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬أعلن‭ ‬عنها‭ ‬قائد‭ ‬القوة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الإيراني‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬سانت‭ ‬بطرسبرغ‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستغربا‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬السياسيين‭ ‬كان‭ ‬أمرا‭ ‬حتميا‭. ‬أما‭ ‬الجانب‭ ‬الفرنسي‭ ‬فإن‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬ماكرون‭ ‬صرح‭ ‬علانية‭ ‬بُعيد‭ ‬اجتماعه‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬ترامب‭ ‬بتمسك‭ ‬فرنسا‭ ‬بالاتفاق‭ ‬المبرم‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬حفيظة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭. ‬

وتجلى‭ ‬عدم‭ ‬الاتفاق‭ ‬بين‭ ‬أميركا‭ ‬والأوروبيين‭ ‬بعد‭ ‬حادثة‭ ‬احتجاز‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬السفينة‭ ‬السويدية‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬العلم‭ ‬البريطاني‭ ‬عندما‭ ‬لم‭ ‬تتدخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬حليفتها،‭ ‬حيث‭ ‬أعلن‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬غير‭ ‬مرتبطة‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭ ‬باتفاقية‭ ‬ملزمة‭ ‬بحماية‭ ‬قطعها‭ ‬البحرية،‭ ‬وتم‭ ‬تفسير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أميركا‭ ‬تعاقب‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬مساندتها‭ ‬لها‭ ‬بخصوص‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬المعاهدة‭ ‬النووية،‭ ‬حيث‭ ‬أخذت‭ ‬صف‭ ‬شقيقاتها‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الحلف‭ ‬الانجلوأميركي،‭ ‬ما‭ ‬حدا‭ ‬بريطانيا‭ ‬إلى‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬تحرك‭ ‬أوروبي‭ ‬بقيادة‭ ‬بريطانية‭ ‬–‭ ‬فرنسية‭ ‬لحماية‭ ‬القطاعات‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬ومضيق‭ ‬هرمز‭. ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬–‭ ‬الناتو‭ ‬–‭ ‬وهو‭ ‬التحالف‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬أمن‭ ‬الدول‭ ‬المنضوية‭ ‬فيه‭ ‬ورد‭ ‬أي‭ ‬اعتداء‭ ‬يطال‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نشهد‭ ‬أي‭ ‬تحرك‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحلف‭.‬

إن‭ ‬أبرز‭ ‬سمات‭ ‬معضلة‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإيرانية‭ ‬لسلامة‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬ومضيق‭ ‬هرمز‭ ‬فتور‭ ‬الردود‭ ‬وضعفها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬تكرارها‭ ‬مرارا‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الاعتداءات‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬الراسية‭ ‬في‭ ‬ميناء‭ ‬الفجيرة،‭ ‬أو‭ ‬حادثة‭ ‬احتجاز‭ ‬السفينة‭ ‬البريطانية،‭ ‬وذلك‭ ‬يرسم‭ ‬علامة‭ ‬استفهام‭ ‬كبيرة‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬تمادي‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭.‬