ياسمينيات

وتطالبنا بالفلس!

| ياسمين خلف

لا‭ ‬تتوانى‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬عن‭ ‬إرسال‭ ‬الإنذار‭ ‬الأحمر‭ ‬والأخير‭ ‬للمنازل‭ ‬حال‭ ‬التأخر‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬الفاتورة،‭ ‬وكلها‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬وتقطع‭ ‬الخدمة‭ ‬عن‭ ‬الذي‭ ‬تخلف‭ ‬عن‭ ‬سدادها،‭ ‬لتلزم‭ ‬الأهالي‭ ‬بدفع‭ ‬الفاتورة‭ ‬المتأخرة‭ ‬ومعها‭ ‬غرامة‭ ‬تمثل‭ ‬عبئاً‭ ‬آخر‭ ‬ترجف‭ ‬منه‭ ‬أفئدة‭ ‬المستهلكين‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬ينطبق‭ ‬عليهم‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬“ما‭ ‬عندك‭ ‬تاكل‭ ‬عندك‭ ‬تغرم”‭! ‬فالهيئة‭ ‬لا‭ ‬تهمها‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لتلك‭ ‬الأسر،‭ ‬ولا‭ ‬يهمها‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬طفل‭ ‬رضيع‭ ‬أو‭ ‬رجل‭ ‬مسن‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مريض‭ ‬يستلقي‭ ‬على‭ ‬سريره‭ ‬الكهربائي‭ ‬ويعيش‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬التي‭ ‬إن‭ ‬توقفت‭ ‬توقف‭ ‬معها‭ ‬عداد‭ ‬حياته،‭ ‬فالمهم‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬المستهلك‭ ‬الفاتورة‭ ‬دون‭ ‬تأخير‭!‬

ارتفاع‭ ‬فواتير‭ ‬الكهرباء،‭ ‬ومضاعفتها‭ ‬لمرات،‭ ‬ليست‭ ‬مشكلة‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬طارئة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬فالكثيرون‭ ‬شكوا‭ ‬منها،‭ ‬وشككوا‭ ‬في‭ ‬صحتها‭ ‬منذ‭ ‬مدة،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يسمع‭ ‬لهم،‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬استنفار‭ ‬شعبي‭ ‬لارتفاع‭ ‬ملحوظ‭ ‬لقيمة‭ ‬تلك‭ ‬الفواتير،‭ ‬حرك‭ ‬المياه‭ ‬الراكدة،‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬لسعته‭ ‬المشكلة،‭ ‬أو‭ ‬انتبه‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يرفعون‭ ‬شعار‭ ‬“الساكت‭ ‬عن‭ ‬حقه‭ ‬شيطان‭ ‬أخرس”،‭ ‬فكان‭ ‬صوتاً‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬صوت‭ ‬له،‭ ‬وشجع‭ ‬الكثيرين‭ ‬للشكوى،‭ ‬وربما‭ ‬طفح‭ ‬الكيل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وجد‭ ‬المستهلكون‭ ‬أنفسهم‭ ‬محاصرين‭ ‬بين‭ ‬التزامات‭ ‬وضرائب‭ ‬لا‭ ‬ترحم‭. ‬

الهيئة‭ ‬بكل‭ ‬برود‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬المشككين‭ ‬في‭ ‬الفواتير‭ ‬مراجعتها،‭ ‬وكأنها‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬مراقبة‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬قيمة‭ ‬تلك‭ ‬الفواتير،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يتغاضى‭ ‬عن‭ ‬المطالبة،‭ ‬ويشتري‭ ‬راحة‭ ‬باله،‭ ‬لعلمه‭ ‬بدوامة‭ ‬المطالبة‭ ‬التي‭ ‬تستهلك‭ ‬منه‭ ‬وقته‭ ‬وأعصابه،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬إحساسه‭ ‬بعدم‭ ‬جدوى‭ ‬المطالبة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يخرج‭ ‬منها‭ ‬خالي‭ ‬الوفاض‭! ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إلقاء‭ ‬الهيئة‭ ‬العذر‭ ‬على‭ ‬القراءات‭ ‬الخاطئة،‭ ‬أو‭ ‬القراءات‭ ‬التقديرية‭ ‬عذر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قبوله،‭ ‬فعملية‭ ‬التدقيق،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬خطأ‭ ‬كهذا،‭ ‬ومتكرر‭ ‬لدى‭ ‬ثلثي‭ ‬المستهلكين‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬المستهلكين،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الهيئة‭. ‬

العيد‭ ‬على‭ ‬الأبواب،‭ ‬والمدارس‭ ‬ستفتح‭ ‬أبوابها‭ ‬بعده،‭ ‬والتزامات‭ ‬الأسر‭ ‬المتشعبة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تؤخذ‭ ‬في‭ ‬الحسبان،‭ ‬وعملية‭ ‬تأجيل‭ ‬إرجاع‭ ‬الحقوق‭ ‬والاحتفاظ‭ ‬بالمبالغ‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬المشتركين،‭ ‬عملية‭ ‬قد‭ ‬تضر‭ ‬الكثيرين‭. ‬

ياسمينة‭:

‬تطالبنا‭ ‬الهيئة‭ ‬بكل‭ ‬فلس،‭ ‬ونطالبها‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬ترجع‭ ‬للمستهلكين‭ ‬حقوقهم‭.‬