ملالي إيران واختبار الإرادة الدولية (2)

| سالم الكتبي

المهم‭ ‬أن‭ ‬الملالي‭ ‬يكررون‭ ‬مع‭ ‬شركاء‭ ‬الأطلسي‭ ‬ما‭ ‬فعلوه‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬فتجدهم‭ ‬يتحدثون‭ ‬مع‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬بلغات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وقد‭ ‬استغلوا‭ ‬تباينات‭ ‬المصالح‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأوروبي‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬دور‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬بتفريق‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأوروبي‭ ‬ذاته،‭ ‬وهاهي‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬باريس‭ ‬وبرلين‭ ‬على‭ ‬احتجاز‭ ‬ناقلة‭ ‬النفط‭ ‬البريطانية‭ ‬لتدعو‭ ‬الملالي‭ ‬إلى‭ ‬الإفراج‭ ‬بلا‭ ‬تأخير‭ ‬عن‭ ‬الناقلة،‭ ‬فيما‭ ‬رأت‭ ‬برلين‭ ‬أن‭ ‬احتجازها‭ ‬يشكل‭ ‬“تصعيداً‭ ‬إضافياً‭ ‬لوضع‭ ‬متوتر‭ ‬أصلاً”‭!‬

نفهم‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬لا‭ ‬تريدان‭ ‬إغلاق‭ ‬باب‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬الملالي،‭ ‬وتحرصان‭ ‬على‭ ‬إبقاء‭ ‬الباب‭ ‬موارباً‭ ‬لاستئناف‭ ‬الحوار‭ ‬حول‭ ‬أزمة‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬لا‭ ‬يفهم‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬بل‭ ‬يميل‭ ‬عقله‭ ‬السياسي‭ ‬إلى‭ ‬المغامرات‭ ‬المحسوبة‭ ‬وغير‭ ‬المحسوبة،‭ ‬ويسعى‭ ‬لاستدراج‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬يراها‭ ‬طوق‭ ‬النجاة‭ ‬الوحيد‭ ‬لإنقاذ‭ ‬مصير‭ ‬النظام‭!‬

السؤال‭ ‬الآن‭ ‬بالتبعية‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬يختلف‭ ‬لو‭ ‬بعثت‭ ‬العواصم‭ ‬الأوروبية‭ ‬الثلاث‭ ‬رسالة‭ ‬مشتركة‭ ‬صارمة‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني؟‭ ‬قناعتي‭ ‬أن‭ ‬الملالي‭ ‬كانوا‭ ‬سيفكرون‭ ‬كثيراً‭ ‬قبل‭ ‬التضحية‭ ‬بدفع‭ ‬الأمور‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية،‭ ‬وكانوا‭ ‬سيبادرون‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬مخرج‭ ‬يضمن‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬فالملالي‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬خيارات‭ ‬بريطانيا‭ ‬العسكرية‭ ‬بمفردها‭ ‬محدودة‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬تهديد‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬لكن‭ ‬بانضمام‭ ‬بقية‭ ‬القوى‭ ‬الأوروبية‭ ‬إليها‭ ‬سيكون‭ ‬الأمر‭ ‬مختلفاً‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬صدور‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬عسكري‭ ‬لإيران‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يبقى‭ ‬أقل‭ ‬أثراً‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

لا‭ ‬أحد‭ ‬يريد‭ ‬سيادة‭ ‬لغة‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬لكن‭ ‬الخوف‭ ‬أن‭ ‬السلوك‭ ‬الإيراني‭ ‬المتهور‭ ‬يكتسب‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬الجرأة‭ ‬ويتمدد‭ ‬ويختبر‭ ‬إرادة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ولا‭ ‬يجد‭ ‬رداً‭ ‬مناسباً،‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬علامات‭ ‬استفهام‭ ‬عريضة‭ ‬حول‭ ‬اتجاه‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬المغامر‭ ‬خلال‭ ‬المدى‭ ‬المنظور،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ ‬التعايش‭ ‬بسلام‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬متهور‭ ‬يضع‭ ‬يديه‭ ‬دائماً‭ ‬على‭ ‬الزناد؟‭! ‬وهل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬أكثر‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭ ‬حيوية‭ ‬وحساسية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬رهن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬الطائشة؟‭!. ‬“إيلاف”‭.‬