ملالي‭ ‬إيران‭ ‬واختبار‭ ‬الإرادة‭ ‬الدولية‭ (‬1‭)‬

| سالم الكتبي

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬اختبار‭ ‬صعب‭ ‬لإرادة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬الذي‭ ‬يتابع‭ ‬السلوك‭ ‬الإيراني‭ ‬وتكتفي‭ ‬أغلب‭ ‬قواه‭ ‬ودوله‭ ‬الرئيسية‭ ‬بالمتابعة‭ ‬وانتظار‭ ‬ما‭ ‬ستؤول‭ ‬إليه‭ ‬الأحداث‭ ‬منذ‭ ‬احتجاز‭ ‬إيران‭ ‬ناقلة‭ ‬نفط‭ ‬تحمل‭ ‬علم‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭!‬

المسألة‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬تتعلق‭ ‬صراحة‭ ‬بالجانب‭ ‬البريطاني،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬بسياسات‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬بل‭ ‬تتعلق‭ ‬بهيبة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬حرية‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الدولية،‭ ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬التسليم‭ ‬بأن‭ ‬أي‭ ‬سلوك‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬هدر‭ ‬لأسس‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الدوليين،‭ ‬وتحويل‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬الحيوي‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬عبور‭ ‬خطرة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأسعار‭ ‬النفط‭ ‬والأمن‭ ‬البحري‭!‬

قد‭ ‬يقول‭ ‬قائل‭ ‬إن‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬يرد‭ ‬على‭ ‬تصرف‭ ‬بريطانيا‭ ‬باحتجاز‭ ‬ناقلة‭ ‬ترفع‭ ‬العلم‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬جبل‭ ‬طارق،‭ ‬بتهمة‭ ‬خرق‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬سوريا،‭ ‬ولكن‭ ‬الحجة‭ ‬التي‭ ‬يسوقها‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬ويميل‭ ‬إلى‭ ‬المغامرة‭ ‬والسلوك‭ ‬الطائش‭ ‬في‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬الدول،‭ ‬حيث‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬المرشد‭ ‬الإيراني‭ ‬الأعلى‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬قد‭ ‬توعد‭ ‬وهدد‭ ‬باحتجاز‭ ‬ناقلة‭ ‬نفط‭ ‬بريطانية‭ ‬بمجرد‭ ‬سماع‭ ‬نبأ‭ ‬احتجاز‭ ‬ناقلة‭ ‬النفط‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬جبل‭ ‬طارق،‭ ‬أي‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يمنح‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬لمعالجة‭ ‬الأمر‭ ‬عبر‭ ‬الوسائل‭ ‬والسبل‭ ‬القانونية،‭ ‬بل‭ ‬بادر‭ ‬فوراً‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬الرد‭ ‬وفق‭ ‬قاعدة‭ ‬“العين‭ ‬بالعين‭ ‬والسن‭ ‬بالسن”‭!‬

هذا‭ ‬التصرف‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬اختار‭ ‬طريق‭ ‬المواجهة‭ ‬والعناد‭ ‬والمغامرة‭ ‬في‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى،‭ ‬بل‭ ‬يسوق‭ ‬حججا‭ ‬واهية‭ ‬ومفضوحة‭ ‬مثل‭ ‬اصطدام‭ ‬ناقلة‭ ‬النفط‭ ‬البريطانية‭ ‬بسفينة‭ ‬صيد‭ ‬إيرانية‭ ‬وعدم‭ ‬استجابتها‭ ‬نداءات‭ ‬الاستغاثة‭ ‬واتهامها‭ ‬ـ‭ ‬إثر‭ ‬ذلك‭ ‬ـ‭ ‬بخرق‭ ‬قواعد‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬الدولية‭!‬

وقد‭ ‬نبهنا‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬تفريق‭ ‬الصف‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والتعامل‭ ‬فرادى‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الغربية،‭ ‬وهي‭ ‬السياسة‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬طبقها‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخلجي،‭ ‬حيث‭ ‬عمد‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬إلى‭ ‬تفريق‭ ‬الصف‭ ‬الخليجي‭ ‬والتحدث‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬لمنع‭ ‬تكتل‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬الست‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التغول‭ ‬الإيراني‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وساعده‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ميل‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬إلى‭ ‬التغريد‭ ‬خارج‭ ‬السرب‭ ‬والاستقواء‭ ‬بالنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ضد‭ ‬شقيقاتها‭ ‬الخليجيات،‭ ‬والجميع‭ ‬يدرك‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬النظام‭ ‬القطري‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬لاسيما‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬حيث‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬بنية‭ ‬مبيتة‭ ‬للانسحاب‭ ‬والخروج،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬أعقب‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬حازم‭ ‬بمقاطعة‭ ‬قطر‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬صبر‭ ‬ومثابرة‭ ‬مع‭ ‬سلوكيات‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬شرخ‭ ‬خليجي‭ ‬عميق‭. ‬“إيلاف”‭.‬