واللي‭ ‬ما‭ ‬عنده‭ ‬“واسطة”‭.. ‬ويش‭ ‬يسوي‭!‬

| سعيد محمد

كانت‭ ‬التحقيقات‭ ‬والاستطلاعات‭ ‬الصحافية‭ ‬والتقارير‭ ‬والمقالات‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬ظاهرة‭ ‬“الواسطة‭ ‬والمحسوبية”‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬المحلية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬عقدي‭ ‬الثمانينات‭ ‬والتسعينات،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬هل‭ ‬كنا‭ ‬وكان‭ ‬غيرنا‭ ‬من‭ ‬الصحافيين‭ ‬والكتاب‭ ‬والإعلاميين‭ ‬يؤمنون‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬ستنتهي‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬ستتلاشى‭ ‬شيئًا‭ ‬فشيئًا‭ ‬بالتدريج‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬“خيارًا‭ ‬رئيسا”‭ ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬والعلاقات‭ ‬والإجراءات‭ ‬و‭...‬و‭.. ‬و‭..‬

الصحيح،‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬“ما‭ ‬عندك‭ ‬ظهر‭.. ‬ما‭ ‬عندك‭ ‬واسطة‭.. ‬ما‭ ‬عندك‭ ‬واو”،‭ ‬فوضع‭ ‬صعب‭ ‬للغاية،‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬والمستقبل،‭ ‬وبصراحة،‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬نماذج‭ ‬مشرفة‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬الجنسين،‭ ‬لم‭ ‬يرضخوا‭ ‬لقساوة‭ ‬الحياة‭ ‬وشدة‭ ‬الأزمات،‭ ‬خصوصا‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬عاشوا‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬أسر‭ ‬ضعيفة‭ ‬أو‭ ‬متوسطة‭ ‬الحال،‭ ‬فتحدوا‭ ‬الظروف‭ ‬بتفوقهم‭ ‬ومثابرتهم،‭ ‬حتى‭ ‬استطاعوا‭ ‬بعزيمة‭ ‬وإصرار،‭ ‬مواصلة‭ ‬تعليمهم‭ ‬الجامعي،‭ ‬وذات‭ ‬العزيمة‭ ‬والإصرار‭ ‬التي‭ ‬يتمتعون‭ ‬بها،‭ ‬ستمكنهم‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬عقبات‭ ‬تعترض‭ ‬طريق‭ ‬حياتهم‭ ‬المهنية‭ ‬مستقبلا‭.‬

هناك‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬أكملوا‭ ‬تعليمهم‭ ‬الجامعي‭ ‬بتفوق‭ ‬وإرادة‭ ‬قوية،‭ ‬ولم‭ ‬يكترثوا‭ ‬لعقبات‭ ‬التمييز‭ ‬أو‭ ‬الإقصاء‭ ‬أو‭ ‬حرمانهم‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬فرصهم‭ ‬الوظيفية‭ ‬وفق‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص،‭ ‬فحققوا‭ ‬حلمهم،‭ ‬وبالتأكيد،‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يتوكل‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬فهو‭ ‬حسبه،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نأمله‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬الدفعة‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬طلبة‭ ‬برنامج‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬للمنح‭ ‬الدراسية‭ ‬العالمية‭.‬

ولعل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬يقدمون‭ ‬أنفسهم‭ ‬نموذجا‭ ‬وقدوة‭ ‬لغيرهم‭ ‬ممن‭ ‬يستسلمون‭ ‬للظروف‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الطريق،‭ ‬فيتركون‭ ‬الدراسة‭ ‬والتحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬لعلمهم‭ ‬بأن‭ ‬النتيجة‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭: ‬لماذا‭ ‬التعب‭ ‬طالما‭ ‬سنبقى‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬العاطلين‭ ‬أو‭ ‬سنعمل‭ ‬في‭ ‬وظائف‭ ‬دون‭ ‬المستوى‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بشهاداتنا‭ ‬العلمية؟‭ ‬قد‭ ‬نعذرهم‭ ‬ونتفق‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬تعرضوا‭ ‬للظلم،‭ ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬طريقك‭ ‬المهني‭ ‬وأنت‭ ‬مؤهل‭ ‬علميا‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بلا‭ ‬شهادة‭ ‬ولا‭ ‬حرفة،‭ ‬فالله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬يفتح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬أبواب‭ ‬التوفيق‭ ‬للمجتهدين،‭ ‬فما‭ ‬عليكم‭ ‬سوى‭ ‬التحلي‭ ‬بالصبر‭ ‬والإرادة‭ ‬وتحدي‭ ‬الظروف‭.‬

شباب‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬المتفوقين‭ ‬“ثروة”‭ ‬حقيقية‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬التفريط‭ ‬بها‭ ‬أيا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬الظروف،‭ ‬فمن‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬نسمع‭ ‬عن‭ ‬حالات‭ ‬من‭ ‬التسرب‭ ‬بين‭ ‬طلبة‭ ‬المرحلتين‭ ‬الإعدادية‭ ‬والثانوية‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الابتدائية؛‭ ‬لأسباب‭ ‬تعود‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬إلى‭ ‬مصاعب‭ ‬المعيشة،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬بأنه‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين،‭ ‬كانت‭ ‬الكوادر‭ ‬البحرينية‭ ‬المتميزة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الطب‭ ‬والهندسة‭ ‬والتعليم‭ ‬والتخصصات‭ ‬المهمة‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الأسر‭ ‬الفقيرة‭ ‬في‭ ‬حالها‭ ‬المعيشي،‭ ‬الكبيرة‭ ‬بطموحها‭ ‬وتفاؤلها‭ ‬بالمستقبل‭.‬

طيب‭.. ‬“واللي‭ ‬ما‭ ‬عنده‭ ‬واسطة‭.. ‬ويش‭ ‬يسوي”؟