أمن الوطن

| د. عبدالله الحواج

هاجس‭ ‬أم‭ ‬تحدٍ،‭ ‬هدف‭ ‬أم‭ ‬مصير،‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬يرتبط‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يؤرق‭ ‬مخادعنا‭ ‬الآمنة،‭ ‬هو‭ ‬أمن‭ ‬الوطن،‭ ‬والذود‭ ‬عن‭ ‬مكتسباته،‭ ‬وهو‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لإبعاد‭ ‬السحب‭ ‬المتجمعة‭ ‬بين‭ ‬الأخ‭ ‬وأخيه،‭ ‬والأب‭ ‬وبنيه،‭ ‬إنه‭ ‬الطريق‭ ‬بمعالمه‭ ‬النهضوية‭ ‬البارعة،‭ ‬وآلياته‭ ‬المنضبطة‭ ‬الصارمة‭.‬

الكل‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬تطفو‭ ‬فوق‭ ‬بركان،‭ ‬وأن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬تتوسط‭ ‬خاصرة‭ ‬الخليج‭ ‬تواجه‭ ‬التحدي‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬الأشقاء‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬الأمنية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن،‭ ‬عن‭ ‬إنمائه‭ ‬وإسرائه‭ ‬من‭ ‬التراجع‭ ‬إلى‭ ‬النمو،‭ ‬من‭ ‬السقوط‭ ‬إلى‭ ‬الإقلاع،‭ ‬ومن‭ ‬التأخر‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬الهرم‭ ‬التنموي‭.‬

الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للاقتصاد‭ ‬درع‭ ‬وسيف،‭ ‬درع‭ ‬يحمي‭ ‬إنجازاته،‭ ‬وسيف‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬مقدراته،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬حرص‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬شديدًا‭ ‬على‭ ‬الضرب‭ ‬بيد‭ ‬من‭ ‬حديد‭ ‬لصون‭ ‬مبادرات‭ ‬أطلقناها،‭ ‬وحماية‭ ‬عمران‭ ‬شيدناه،‭ ‬وإضافة‭ ‬منجزات‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬أشد‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها‭.‬

قبل‭ ‬أيام‭ ‬استقبل‭ ‬سموه‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬الفريق‭ ‬الركن‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬تحدثا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحيط‭ ‬بالبلاد‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬أمنية،‭ ‬من‭ ‬تقلبات‭ ‬ومماحكات‭ ‬إقليمية،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬تدخلات‭ ‬ومناورات‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬إقليمية‭.‬

المواطن‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬وهو‭ ‬الوسيلة،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬حراسة‭ ‬تاريخه‭ ‬من‭ ‬التفتت‭ ‬والتشرذم‭ ‬والانقسام،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬مع‭ ‬أجهزته‭ ‬الأمنية‭ ‬بكل‭ ‬ود‭ ‬وإخلاص‭ ‬وتفان؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبعاد‭ ‬المخاطر‭ ‬عن‭ ‬حدودنا،‭ ‬والتناحر‭ ‬عن‭ ‬ديارنا،‭ ‬والتشتت‭ ‬عن‭ ‬ثوابتنا‭ ‬الدينية‭ ‬والوطنية‭.‬

إن‭ ‬الأمن‭ ‬القوي‭ ‬يعني‭ ‬اقتصادًا‭ ‬مستقرًا،‭ ‬ونماءً‭ ‬مستدامًا،‭ ‬ومستقبلًا‭ ‬مزدهرًا،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬متابعة‭ ‬سموه‭ ‬لخطط‭ ‬وبرامج‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬والتيقن‭ ‬بأنها‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬الجهوزية‭ ‬والاستعداد‭ ‬يُعد‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬أولوياتها؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬مقومات‭ ‬الحماية‭ ‬والرعاية‭ ‬لشؤون‭ ‬الوطن‭ ‬وشجونه،‭ ‬لأفراحه‭ ‬وأتراحه،‭ ‬لمنجزاته‭ ‬وتحدياته‭.‬

نحن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬أممًا‭ ‬ترنحت،‭ ‬وأخرى‭ ‬ترجلت،‭ ‬وغيرها‭ ‬ذاقت‭ ‬الأمرّين‭ ‬بسبب‭ ‬فقدان‭ ‬الأمن‭ ‬وضياع‭ ‬الاستقرار‭. ‬أمامنا‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وليبيا‭ ‬وغيرها‭ ‬وقد‭ ‬التهمها‭ ‬التوتر،‭ ‬وأضاعها‭ ‬التفاني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقويض‭ ‬الأمن‭ ‬وتشريد‭ ‬الثوابت‭ ‬وتشتيت‭ ‬القناعات،‭ ‬جميعها‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬ضاعت‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬أوطان‭ ‬عزيزة،‭ ‬وبلدان‭ ‬مؤثرة،‭ ‬وكلنا‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬عبر‭ ‬تاريخها‭ ‬الطويل‭ ‬قد‭ ‬اهتمت‭ ‬بتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬ومقيم،‭ ‬وأنها‭ ‬بذلت‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس؛‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬لمواطنينا‭ ‬تلك‭ ‬الروح‭ ‬الخاشعة‭ ‬المؤمنة‭ ‬بأن‭ ‬الالتفاف‭ ‬حول‭ ‬قادتنا‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬رسالتنا‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وأن‭ ‬العلم‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬ديدننا‭ ‬طريقنا‭ ‬نحو‭ ‬الفهم‭ ‬الصحيح‭ ‬لمعنى‭ ‬كلمة‭ ‬وطن،‭ ‬ومغزى‭ ‬كلمة‭ ‬أمن‭.‬

يقول‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز‭ ‬“ادخلوها‭ ‬بسلام‭ ‬آمنين”،‭ ‬يقولون‭ ‬إنها‭ ‬مصر،‭ ‬ويقولون‭ ‬إنه‭ ‬الوطن‭ ‬المؤمن‭ ‬بالله‭ ‬ورسوله،‭ ‬معنى‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬يعني‭ ‬السلام‭ ‬والسلام‭ ‬هو‭ ‬الإسلام،‭ ‬والإسلام‭ ‬هو‭ ‬دين‭ ‬الحق‭ ‬وهدية‭ ‬السماء‭.‬