ومضة قلم

عذابات مرضى السكلر

| محمد المحفوظ

كان‭ ‬مرضى‭ ‬السكلر‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬إنشاء‭ ‬مركز‭ ‬أمراض‭ ‬الدم‭ ‬الوراثية‭ ‬سيكون‭ ‬نهاية‭ ‬آلامهم‭ ‬وعذاباتهم،‭ ‬ولم‭ ‬يخطر‭ ‬ببال‭ ‬أحد‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬موعودة‭ ‬بالآلام‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها،‭ ‬فحتى‭ ‬اللحظة‭ ‬ورغم‭ ‬نداءاتهم‭ ‬المتكررة‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الفائتة‭ ‬بضرورة‭ ‬توافر‭ ‬طبيب‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬مريض‭ ‬السكلر،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬صرخاتهم‭ ‬تذهب‭ ‬أدراج‭ ‬الرياح،‭ ‬وإلا‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬ينتقل‭ ‬مريض‭ ‬السكلر‭ ‬من‭ ‬طبيب‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬بلا‭ ‬جدوى،‭ ‬من‭ ‬طبيب‭ ‬عظام‭ ‬إلى‭ ‬طبيب‭ ‬غدد‭... ‬إلخ‭. ‬ثم‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أنّ‭ ‬متابعة‭ ‬حالات‭ ‬المريض‭ ‬تتم‭ ‬عبر‭ ‬ملفات‭ ‬ورقيّة‭ ‬طبقا‭ ‬لما‭ ‬يؤكده‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭! ‬سؤالنا‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تتم‭ ‬المتابعة‭ ‬عبر‭ ‬نظام‭ ‬الحاسوب‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الأوراق‭ ‬معرضة‭ ‬للضياع‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬مطالبات‭ ‬المرضى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬فحوصات‭ ‬دورية‭ ‬لتفادي‭ ‬إصاباتهم‭ ‬بالنوبة‭ ‬المفاجئة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يدفعهم‭ ‬للجوء‭ ‬إلى‭ ‬الطوارئ‭ ‬وهذا‭ ‬يعرضهم‭ ‬إلى‭ ‬الخطر،‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬أمنيتهم‭ ‬هذه‭ ‬لم‭ ‬يقيض‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬صدى‭ ‬لدى‭ ‬المعنيين‭ ‬في‭ ‬الوزارة،‭ ‬وكنت‭ ‬شخصيّا‭ ‬قد‭ ‬نبّهت‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بأهمية‭ ‬تخصيص‭ ‬غرفة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مركز‭ ‬صحي‭ ‬لمرضى‭ ‬السكلر‭ ‬بعد‭ ‬مشاهدتي‭ ‬بعضهم‭ ‬في‭ ‬ممرات‭ ‬أحد‭ ‬المراكز‭ ‬وهم‭ ‬يتجرعون‭ ‬الآلام‭ ‬المبرحة،‭ ‬وأتذكر‭ ‬أن‭ ‬وكيل‭ ‬الوزارة‭ ‬حينها‭ ‬وعد‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬الصحافيين‭ ‬خيرا‭. ‬

من‭ ‬يصدق‭ ‬أن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المرضى‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬إصاباتهم‭ ‬اعتيادية‭ ‬كالآخرين،‭ ‬رغم‭ ‬إدراك‭ ‬الأطباء‭ ‬صعوبة‭ ‬ما‭ ‬يمرون‭ ‬به،‭ ‬ولا‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬أنه‭ ‬أثناء‭ ‬مراجعتهم‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬يصرف‭ ‬لهم‭ ‬البندول‭ ‬لتخفيف‭ ‬الألم‭ ‬وكان‭ ‬يفترض‭ ‬علاجهم‭ ‬بالمورفين‭ ‬والسيلان‭ ‬لمنع‭ ‬تدهور‭ ‬الحالة‭ ‬وجعلهم‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الانتظار‭.‬

المصابون‭ ‬بفقر‭ ‬الدم‭ ‬المنجلي‭ (‬السكلر‭) ‬يلحون‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬مركز‭ ‬كانو‭ ‬لتخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬طوارئ‭ ‬السلمانية‭ ‬وكون‭ ‬المركز‭ ‬مخصصا‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة‭ ‬وحتى‭ ‬جناح‭ ‬61‭ ‬و44‭ ‬المخصصين‭ ‬باتا‭ ‬اليوم‭ ‬لاستقبال‭ ‬مرضى‭ ‬آخرين،‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬حالات‭ ‬تزاحم‭ ‬وفترات‭ ‬انتظار‭ ‬طويلة‭ ‬لا‭ ‬طاقة‭ ‬لهم‭ ‬عليها‭. ‬بقي‭ ‬القول‭ ‬إنّ‭ ‬مرضى‭ ‬السكلر‭ ‬أثبتوا‭ ‬كفاءتهم‭ ‬وتميزهم‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإننا‭ ‬نتمنى‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تشملهم‭ ‬بالمزايا‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬ذوو‭ ‬الحاجات‭ ‬الخاصة‭ ‬كصرف‭ ‬مساعدة‭ ‬شهرية‭ ‬لهم‭.‬