ريشة في الهواء

الأصل في الاستثمار... الإنسان

| أحمد جمعة

كتبت‭ ‬مرات‭ ‬عدة‭ ‬وكررت‭ ‬الكلام‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬وقلت‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬الاستثمار‭ ‬الحقيقي‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭ ‬بعده‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صنعه،‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وكيفية‭ ‬تطوير‭ ‬صناعة‭ ‬الإنسان‭ ‬قبل‭ ‬صناعة‭ ‬الكلام،‭ ‬فالكلام‭ ‬في‭ ‬الجرائد‭ ‬سهل،‭ ‬لكن‭ ‬البنيان‭ ‬في‭ ‬قواعد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإنسان‭ ‬صعب،‭ ‬والأصل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬التنمية‭ ‬والبناء‭ ‬والاستثمار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإنسان‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالإنسان‭ ‬هو‭ ‬الأصل‭ ‬من‭ ‬البداية؟

الاستثمار‭ ‬الحقيقي‭ ‬للأمم‭ ‬بوجود‭ ‬خطة‭ ‬واستراتيجية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬قبل‭ ‬التفكير‭ ‬بتجارب‭ ‬عشوائية‭ ‬نهدر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬والأموال‭ ‬فيها،‭ ‬سوى‭ ‬ما‭ ‬نقرأه‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬لشركات‭ ‬وأفراد‭ ‬وتأسيس‭ ‬المشاريع‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬الأمر‭ ‬بأموال‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬لمعارض‭ ‬ومهرجانات‭ ‬تقيمها‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬جدوى‭ ‬سوى‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬النشاطات‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬مستمرة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬ولا‭ ‬نرى‭ ‬نتيجة‭ ‬سوى‭ ‬إهدار‭ ‬أموال‭ ‬عامة‭ ‬لأن‭ ‬الهدف‭ ‬ليس‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬وإلا‭ ‬رأينا‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬نتائجها‭ ‬على‭ ‬نصف‭ ‬سكان‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬المؤهلات‭ ‬العليا‭. ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬بعد‭ ‬لمستوى‭ ‬الإقناع‭ ‬بنتائج‭ ‬تبرر‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬قلة‭ ‬قليلة‭ ‬استفادت،‭ ‬منها‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الذين‭ ‬يتقاضون‭ ‬رواتب‭ ‬خيالية‭ ‬مقابل‭ ‬استشارات‭ ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬وهمية‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬تسد‭ ‬فوهة‭ ‬البطالة‭ ‬المطلة‭ ‬برأسها‭.‬

لقد‭ ‬استهلكت‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭ ‬وأموالا‭ ‬طائلة،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬نر‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬لسد‭ ‬عجزنا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬بطالة‭ ‬صارخة،‭ ‬انعدم‭ ‬معها‭ ‬شعار‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬وبدأ‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التجارب‭.‬

إن‭ ‬الاستثمار‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬يصنع‭ ‬قاعدة‭ ‬تبدأ‭ ‬بالإنسان‭ ‬وتنتهي‭ ‬بالإنسان،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يفتح‭ ‬المصانع‭ ‬ويؤسس‭ ‬القواعد‭ ‬ويقيم‭ ‬المشاريع‭ ‬الناجحة‭ ‬والمدرة‭ ‬للأموال‭ ‬والأرباح،‭ ‬الإنسان‭ ‬عندما‭ ‬تتاح‭ ‬له‭ ‬فرصة‭ ‬العمل‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬خارج‭ ‬التجارب‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬الضمانة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لمسيرة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬تبدأ‭ ‬بخطوات‭ ‬ثابتة‭ ‬أساسها‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬لا‭ ‬استيراد‭ ‬العقول‭ ‬الأجنبية‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬الاستهانة‭ ‬بالخبرات‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬نسلم‭ ‬أمرنا‭ ‬فقط‭ ‬للاستشارات‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬وتذهب‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تترك‭ ‬بصمة‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬حالنا،‭ ‬أخبروني‭ ‬كم‭ ‬حققت‭ ‬لنا‭ ‬هذه‭ ‬الاستشارات‭ ‬الخارجية‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬السنوات؟‭ ‬كم‭ ‬حققنا‭ ‬من‭ ‬قفزات‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الوظيفي‭ ‬للطوابير‭ ‬الحاشدة‭ ‬من‭ ‬العاطلين؟‭ ‬أعود‭ ‬للقول‭ ‬إن‭ ‬الأصل‭ ‬في‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأمم‭ ‬هو‭ ‬الإنسان‭ ‬وكل‭ ‬الشعارات‭ ‬المرفوعة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الإنسان‭ ‬شعارات‭ ‬فوقية‭ ‬استهلاكية‭.‬

 

تنويرة‭:

‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الفقر‭ ‬والغنى‭ ‬المال،‭ ‬والفرق‭ ‬بين‭ ‬الغنى‭ ‬والفقر‭ ‬المال،‭ ‬كم‭ ‬صعبة‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭!.‬