فجر جديد

ليست كل الأوطان للبيع

| إبراهيم النهام

الحملة‭ ‬الشعبية‭ ‬الجارفة،‭ ‬التي‭ ‬أغرقت‭ ‬أخيرًا‭ ‬الصحف‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬و‭(‬السوشيال‭ ‬ميديا‭)‬،‭ ‬مجددة‭ ‬البيعة‭ ‬والولاء‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى،‭ ‬جاءت‭ ‬كالصاعقة،‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬وعلى‭ ‬صانعي‭ ‬أكاذيبها،‭ ‬ممن‭ ‬لم‭ ‬يعلمهم‭ ‬التاريخ‭ ‬بعد،‭ ‬أصالة‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني،‭ ‬وجلادته،‭ ‬وفطنته‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬حوله‭.‬

‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬اليوم،‭ ‬من‭ (‬فزعة‭) ‬وطنية‭ ‬مذهلة،‭ ‬الظاهر‭ ‬منها‭ ‬والمعلن،‭ ‬يقدّم‭ ‬دروسًا‭ ‬مستفادة‭ ‬للدول‭ ‬وللأنظمة‭ ‬المٌعادية،‭ ‬التي‭ ‬تراهن‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬الأموال‭ ‬وعلى‭ ‬شراء‭ ‬الذمم‭ ‬كمعول‭ ‬للتشطير‭ ‬والهدم‭ ‬والتفتيت،‭ ‬بأنه‭ ‬“ليست‭ ‬كل‭ ‬الأوطان‭ ‬للبيع،‭ ‬وليست‭ ‬كل‭ ‬الشعوب‭ ‬كذلك”‭.‬

‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬تساوت‭ ‬الرؤوس‭ ‬كلها،‭ ‬بأمواج‭ ‬بشرية‭ ‬عملاقة‭ ‬اكتظت‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬جامع‭ ‬الفاتح،‭ ‬وهي‭ ‬تلوّح‭ ‬بأعلام‭ ‬البحرين،‭ ‬وتصدح‭ ‬بعبارات‭ ‬الولاء،‭ ‬والدعوة‭ ‬للبلد‭ ‬بالأمن‭ ‬والأمان،‭ ‬وبالاستقرار‭ ‬الذي‭ ‬يؤرق‭ ‬مضجع‭ ‬الآخرين،‭ ‬وما‭ ‬أكثرهم‭.‬

‭ ‬حين‭ ‬خرجت‭ ‬هذه‭ ‬الجموع‭ ‬للساحات،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تنتظر‭ ‬لذلك‭ ‬مقابلاً،‭ ‬ولا‭ ‬جزاء‭ ‬ولا‭ ‬شكورًا،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬بادرة‭ ‬ساسها‭ ‬الرئيس‭ ‬الحافز‭ ‬الوطني،‭ ‬ومحبة‭ ‬البلد‭ ‬وأهلها،‭ ‬حفظًا‭ ‬للسيادة،‭ ‬وللهوية،‭ ‬وصونًا‭ ‬لمستقبل‭ ‬الأجيال‭ ‬المقبلة،‭ ‬من‭ ‬التشرذم‭ ‬والضياع‭ ‬وفقدان‭ ‬الأمل‭.‬

وبفضل‭ ‬هذه‭ ‬النوايا‭ ‬الصادقة،‭ ‬وتوفيق‭ ‬الله‭ ‬عزّ‭ ‬وجلّ‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬كان‭ ‬النجاح‭ ‬باهرًا،‭ ‬مدويًّا،‭ ‬هزّ‭ ‬قصور‭ ‬الملالي‭ ‬بطهران‭ ‬وقم‭ ‬وشيراز،‭ ‬وبقية‭ ‬المدن‭ ‬الإيرانية‭ ‬المختطفة‭ ‬من‭ ‬السراق‭ ‬واللصوص‭ ‬والقتلة‭ ‬وناهبي‭ ‬أموال‭ ‬الشعب‭.‬

‭ ‬واليوم،‭ ‬يعيد‭ ‬البحرينيون‭ (‬رجالاً‭ ‬ونساءً‭ ‬وأطفالاً‭) ‬تكرار‭ ‬هذه‭ ‬الملحمة‭ ‬الخالدة‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬تغير‭ ‬التواريخ،‭ ‬والأزمنة،‭ ‬والأحداث‭ ‬نفسها،‭ ‬وهو‭ ‬تغير‭ ‬محدود،‭ ‬لا‭ ‬يطول‭ ‬الولاء،‭ ‬والهوية،‭ ‬والقيم‭ ‬النبيلة،‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬الأجداد‭ ‬وورثها‭ ‬الآباء،‭ ‬وحملها‭ ‬الأبناء‭ ‬على‭ ‬أعناقهم،‭ ‬حبًّا‭ ‬ووفاء‭ ‬وتضحية‭.‬

ختامًا،‭ ‬فإن‭ ‬“ليست‭ ‬كل‭ ‬الأوطان‭ ‬عرضة‭ ‬للبيع”‭ ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬الرجال‭ ‬كذلك،‭ ‬والبحرين‭.. ‬هذه‭ ‬الجزيرة‭ ‬الصغيرة‭ ‬بهذه‭ ‬البقعة‭ ‬الجغرافية‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬كانت‭ ‬وستظل‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام‭ ‬وفخر‭ ‬وفخار‭ ‬لنا‭ ‬ولأبنائنا‭ ‬ولأحفادنا،‭ ‬ولمن‭ ‬يعرفنا‭ ‬حق‭ ‬المعرفة‭.‬