هل هو ذنب الجيل الجديد؟

| فرات البسام

يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتبع‭ ‬خطى‭ ‬العباقرة‭ ‬والمفكرين‭ ‬الذين‭ ‬طلقوا‭ ‬الدنيا‭ ‬ومتاعها‭ ‬بالثلاث‭ ‬ونجري‭ ‬مع‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يرون‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬أوجه‭ ‬العلم‭ ‬وصوت‭ ‬تاريخ‭ ‬مدننا‭ ‬البريئة‭ ‬وحلم‭ ‬المفكرين‭ ‬والفلاسفة،‭ ‬حيث‭ ‬صاغوا‭ ‬للدنيا‭ ‬أجمل‭ ‬أبياتها،‭ ‬وعلينا‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬بأن‭ ‬الجيل‭ ‬القادم‭ ‬سيتغلب‭ ‬علينا‭ ‬بعلم‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬ولكن‭ ‬نبقى‭ ‬نحن‭ ‬كالصقور‭ ‬نتغلب‭ ‬عليهم‭ ‬بعلم‭ ‬الكتابة‭ ‬وعلم‭ ‬اللوغوس،‭ ‬ولا‭ ‬نلوم‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬لم‭ ‬يطلع‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬معالم‭ ‬الأدب‭ ‬والتاريخ‭ ‬لأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬قليلة‭ ‬الطرح‭ ‬والذكر‭.‬

لقد‭ ‬تخلينا‭ ‬عن‭ ‬مسؤوليتنا‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬والأدبية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مرآة‭ ‬نقل‭ ‬الحقيقة‭ ‬والواقع‭ ‬بكل‭ ‬معطياته،‭ ‬لا‭ ‬ألوم‭ ‬أحدا‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي‭ ‬إذا‭ ‬نقل‭ ‬معلومة‭ ‬مغلوطة‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬أو‭ ‬حرف‭ ‬مفهومها‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬عام‭... ‬أين‭ ‬الندوات‭ ‬والمحاضرات‭ ‬والأكاديميات‭ ‬للمثقفين‭ ‬والمفكرين،‭ ‬وليس‭ ‬للذين‭ ‬يريدون‭ ‬التسلق‭ ‬على‭ ‬سلالم‭ ‬الشهرة‭ ‬دون‭ ‬فقه‭ ‬أو‭ ‬تاريخ‭ ‬أو‭ ‬وعي‭ ‬ثقافي‭.‬

أجزم‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬الإخفاق‭ ‬سوء‭ ‬اختيار‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬المحاضرات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تجارة‭ ‬دون‭ ‬اهتمام‭ ‬لتدمير‭ ‬جيل‭ ‬بأكمله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الندوات‭ ‬والمحاضرات‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬فرز‭ ‬واختيار‭ ‬صادق‭ ‬بضمير‭ ‬الخوف‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬أجيال‭ ‬بأكملها‭ ‬وأمن‭ ‬مجتمع،‭ ‬والاختيار‭ ‬مسؤولية‭ ‬كان‭ ‬يحملها‭ ‬جيل‭ ‬السبعينات‭ ‬والثمانينات‭ ‬وكانت‭ ‬مقالاتهم‭ ‬وكتاباتهم‭ ‬مدروسة‭ ‬أرعبت‭ ‬الغرب‭ ‬وقلصت‭ ‬حجم‭ ‬التحرك‭ ‬بتلك‭ ‬الفترة‭ ‬لعدم‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬اختراق‭ ‬الفكر‭ ‬العربي‭.‬

هذه‭ ‬صرخة‭ ‬استغاثة‭ ‬أنقذوا‭ ‬الجيل‭ ‬القادم،‭ ‬وأتمنى‭ ‬لكلماتي‭ ‬أن‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬وتنزل‭ ‬على‭ ‬شفتي‭ ‬الدنيا‭ ‬وتبلل‭ ‬أوراق‭ ‬العنب‭.‬