فجر جديد

صراع العروش بين النواب والبلديين

| إبراهيم النهام

حرب‭ ‬خفية،‭ ‬وصراعات‭ (‬تكسير‭ ‬مجاديف‭)‬،‭ ‬وإقصاء،‭ ‬وعروج‭ (‬دفش‭) ‬بمساحة‭ ‬الآخر،‭ ‬هو‭ ‬باختصار‭ ‬التوصيف‭ ‬العام‭ ‬لحالة‭ ‬الخصومة‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي،‭ ‬ونظرائهم‭ ‬البلديين،‭ ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬انتخابية‭.‬

هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نكرانها،‭ ‬أو‭ ‬تجاهل‭ ‬وجودها،‭ ‬فهي‭ ‬توجز‭ ‬للمواطن‭ ‬البحريني،‭ ‬خصال‭ (‬الأنا‭) ‬و‭(‬الأنانية‭) ‬و‭(‬المنفعة‭ ‬الخاصة‭) ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترحم‭ ‬ولا‭ ‬تذر،‭ ‬ولا‭ ‬تضع‭ ‬حدوداً‭ ‬اخلاقية‭ ‬في‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬الخصم،‭ ‬ومن‭ ‬حضوره‭ ‬المجتمعي،‭ ‬والخدمي،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬مصالح‭ ‬الناس‭. ‬

وبدأت‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الغريبة‭ ‬للظهور‭ ‬إلى‭ ‬السطح‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬مع‭ ‬انتخاب‭ ‬برلمان‭ ‬2006‭ ‬حيث‭ ‬انشقعت‭ (‬حينها‭) ‬الغمامة‭ ‬التي‭ ‬أحاطت‭ ‬ببعض‭ ‬الجماهير،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحداثة‭ ‬التجربة‭ ‬وطبيعة‭ ‬مخرجاتها‭ ‬وأهدافها،‭ ‬وبحيث‭ ‬يختص‭ ‬النائب‭ ‬بالتشريع‭ ‬والرقابة‭ ‬والمحاسبة،‭ ‬والبلدي‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الخدمي‭ ‬بشتى‭ ‬أنواعه‭ ‬واختلافاته‭. ‬

وما‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬وهذا،‭ ‬اهتم‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬صعود‭ ‬نجم‭ ‬زملائهم‭ ‬البلديين،‭ ‬وتجنب‭ ‬دعوتهم‭ ‬لحضور‭ ‬اجتماعاتهم‭ ‬مع‭ ‬الوزراء‭ ‬والمسئولين،‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬أمور‭ ‬الدائرة‭ ‬تحديداً،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬اهتم‭ ‬بعض‭ ‬البلديين‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الشعبية،‭ ‬وفي‭ ‬التشكيك‭ ‬بنزاهتهم،‭ ‬ومعرفتهم،‭ ‬وأدائهم‭ ‬نفسه،‭ ‬خصوصا‭ ‬لمن‭ ‬أعتزم‭ ‬منهم‭ ‬باكرا‭ ‬الترشح‭ ‬للبرلمان،‭ ‬وترك‭ ‬العمل‭ ‬البلدي‭. ‬

وشعللت‭ ‬تجربة‭ ‬دخول‭ ‬بعض‭ ‬البلديين‭ ‬للبرلمان،‭ ‬تخوف‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬ذات‭ ‬الأمر‭ ‬معهم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تشجع‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬البلديين‭ ‬للسير‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬أوصل‭ ‬زملائهم‭ ‬للبرلمان،‭ ‬فلان‭ ‬فعلها‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬أفعلها‭ ‬أنا‭ ‬أيضا؟‭ ‬أنا‭ ‬لست‭ ‬بأقل‭ ‬شأن‭ ‬منه‭.‬

خلاصة‭ ‬الأمر،‭ ‬أن‭ ‬رغبة‭ ‬إعادة‭ ‬الترشح‭ ‬مجددا،‭ ‬تُمهد‭ -‬ببعض‭ ‬الحالات‭- ‬بشكل‭ ‬خاطئ،‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭ (‬النائب‭ ‬والبلدي‭)‬،‭ ‬بخصومة‭ ‬فجة‭ ‬غير‭ ‬معلنه،‭ ‬نتاجها‭  ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬تعطيل‭ ‬مصالح‭ ‬الناس‭ ‬وهدر‭ ‬أولوياتهم‭.‬

هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المُر،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعي‭ ‬اليه‭ ‬الناخب‭ ‬جيداً،‭ ‬ويهتم‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬مخرجات‭ ‬تقييم‭ ‬أداء‭ ‬من‭ ‬ينتخب‭ ‬نيابياً‭ ‬وبلديا،‭ ‬وهل‭ ‬هم‭ ‬جديرون‭ ‬بثقته‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬وهل‭ ‬هم‭ ‬بحاجة‭ ‬لميثاق‭ ‬شرف‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬أم‭ ‬لا؟