أدوار الرئيس

| د. عبدالله الحواج

لست‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬سرد‭ ‬إنجازات‭ ‬رجل‭ ‬أقام‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬أكتافه،‭ ‬أو‭ ‬دشن‭ ‬مستقبل‭ ‬أمة‭ ‬بكلتا‭ ‬يديه،‭ ‬لكنني‭ ‬سأتوقف‭ ‬قليلاً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬دار‭ ‬من‭ ‬سجالات،‭ ‬وما‭ ‬تم‭ ‬نشره‭ ‬من‭ ‬تحركات،‭ ‬وما‭ ‬وقعت‭ ‬عليه‭ ‬عيناي‭ ‬من‭ ‬لقاءات‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬تحديداً‭.‬

بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬تلقفت‭ ‬ذلك‭ ‬التحقيق‭ ‬الصحفي‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬إعلامنا‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬الرائد،‭ ‬وكيفية‭ ‬قيامه‭ ‬بتدشين‭ ‬سياسة‭ ‬حكيمة‭ ‬ومرنة‭ ‬ومتنوعة‭ ‬لتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭.‬

الصحف‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬فقط‭ ‬عند‭ ‬تلك‭ ‬المحطة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬لمجلدات‭ ‬حتى‭ ‬يبلغ‭ ‬الإنصاف‭ ‬مداه‭ ‬العادل،‭ ‬وحتى‭ ‬نستطيع‭ ‬رصد‭ ‬الدور‭ ‬الحقيقي‭ ‬للأب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬قاعدة‭ ‬مصرفية‭ ‬دولية‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬لتضع‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬خاصرة‭ ‬القرار‭ ‬المالي‭ ‬العالمي،‭ ‬وتصنع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تاريخاً‭ ‬ناصعاً‭ ‬في‭ ‬الأبجدية،‭ ‬وذاكرة‭ ‬حديدية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تدوين‭ ‬انجازات‭ ‬دولة،‭ ‬أو‭ ‬توثيق‭ ‬ملامح‭ ‬تنموية‭ ‬هائلة‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬الأسبوع‭ ‬المنصرم‭ ‬مزدحما‭ ‬بلقاءات‭ ‬وقرارات‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬أهمها‭ ‬ذلك‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬سموه‭ ‬من‭ ‬منصة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬ويتعلق‭ ‬بدعم‭ ‬صغار‭ ‬التجار،‭ ‬وأكثرها‭ ‬لفتاً‭ ‬للانتباه‭ ‬استقباله‭ ‬للسفير‭ ‬السعودي‭ ‬بالبحرين‭ ‬وهو‭ ‬يودع‭ ‬البلاد‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬عمل‭ ‬ازدحمت‭ ‬بالمسئوليات‭ ‬والمطارحات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والتحديات‭ ‬الإقليمية‭.‬

أهم‭ ‬ما‭ ‬يلفت‭ ‬الانتباه‭ ‬ذلك‭ ‬التصريح‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬فيه‭ ‬سموه‭ ‬مجدداً‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬أو‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬العمق‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬هو‭ ‬بالفعل‭ ‬كذلك،‭ ‬وهى‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬التاريخ‭ ‬المحسوب‭ ‬كان‭ ‬ومازال‭ ‬وسيظل‭ ‬للسعودية‭ ‬دورها‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬التوازن‭ ‬الحكيم‭ ‬للسياسات‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

الأحداث‭ ‬والتحديات‭ ‬والمخاطر‭ ‬أصبحت‭ ‬قاب‭ ‬قوسين‭ ‬أو‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬حدودنا‭ ‬القطرية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬وسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬يدرك‭ ‬أنه‭ ‬لولا‭ ‬وقوف‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بجانب‭ ‬أشقائها،‭ ‬ولولا‭ ‬ذودها‭ ‬عن‭ ‬مقدرات‭ ‬أمتها‭ ‬ومساهمتها‭ ‬الفعالة‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬استقرارها‭ ‬وصون‭ ‬أمنها‭ ‬لكنا‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أسوأ‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬نحن‭ ‬عليه‭ ‬اليوم‭.‬

إن‭ ‬فطنة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬مكنته‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يجمع‭ ‬الشأن‭ ‬المحلي‭ ‬بهمومه‭ ‬وتفاصيله‭ ‬الصغيرة‭ ‬وأخطرها‭ ‬محاولاته‭ ‬الحاكمة‭ ‬لرأب‭ ‬الأصداع‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المحلي‭ ‬والإقليمي،‭ ‬وذلك‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬الأدوار‭ ‬المصيرية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬“السعودية”‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬أمن‭ ‬الملاحة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬وحماية‭ ‬السفن‭ ‬المارة‭ ‬من‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬والمتجهة‭ ‬من‭ ‬وإلى‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.‬

شأن‭ ‬محلي‭ ‬آخر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬له‭ ‬ارتباط‭ ‬دولي‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بالتحديد‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الهم‭ ‬الثقيل‭ ‬الملقى‭ ‬على‭ ‬عوائق‭ ‬صغار‭ ‬التجار،‭ ‬والعبء‭ ‬الأثقل‭ ‬لخدمة‭ ‬الديون‭ ‬المتراكمة‭ ‬عليهم‭ ‬وبحث‭ ‬مدى‭ ‬تقسيطها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إسقاط‭ ‬جزء‭ ‬منها،‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المحورية‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬القيام‭ ‬بأدوارها‭ ‬الوطنية‭ ‬إلا‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬جبهتها‭ ‬الداخلية‭ ‬قوية‭ ‬ومصانة،‭ ‬ويعتقد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حسب‭ ‬قراءاتي‭ ‬المتواضعة‭ ‬لمسيرة‭ ‬فاقت‭ ‬الأربعة‭ ‬عقود‭ ‬أن‭ ‬القطاعين‭ ‬التجاري‭ ‬والمصرفي‭ ‬يمثلان‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬سموه‭ ‬شقي‭ ‬رحا‭ ‬ووجهي‭ ‬عملة‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬غير‭ ‬المعتمد‭ ‬على‭ ‬النفط‭.‬

إنها‭ ‬رؤية‭ ‬قائد‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يرسم‭ ‬ملامح‭ ‬طريق‭ ‬لبلاده،‭ ‬وكيف‭ ‬يعالج‭ ‬مشاكلها‭ ‬المتراكمة،‭ ‬ثم‭ ‬كيف‭ ‬يخرج‭ ‬بالأزمة‭ ‬إلى‭ ‬مرافئ‭ ‬أكثر‭ ‬أمناً‭ ‬واستقراراً‭ ‬بل‭ ‬وأكثر‭ ‬قوة‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‭.‬

لقد‭ ‬انتشرت‭ ‬تأثيرات‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬ولقاءات‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬أسبوع‭ ‬مضي‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال‭ ‬وكأنها‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تبعث‭ ‬بعدة‭ ‬رسائل‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اتجاه‭ ‬أهمها‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬لتناسي‭ ‬مشكلات‭ ‬قائمة،‭ ‬ولا‭ ‬تنازل‭ ‬عن‭ ‬مكتسبات‭ ‬تحققت‭ ‬ولا‭ ‬مساومة‭ ‬على‭ ‬ثوابت‭ ‬شكلها‭ ‬التاريخ‭ ‬وصاغتها‭ ‬مبادئ‭ ‬أمة‭.‬