ريشة في الهواء

تحجر الزمن العربي!

| أحمد جمعة

في‭ ‬اليمن‭ ‬حرب‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬وزمرة‭ ‬الحوثيين‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وفي‭ ‬الصومال‭ ‬المحسوبة‭ ‬على‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬حرب‭ ‬إرهابية‭ ‬وتفجيرات‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬أثر‭ ‬لدولة‭ ‬عصرية،‭ ‬وفي‭ ‬لبنان‭ ‬دولة‭ ‬مختطفة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬وبين‭ ‬غزة‭ ‬ورام‭ ‬الله‭ ‬ضياع‭ ‬فلسطيني‭ ‬وتشرذم‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬وفتح‭ ‬وتعطل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬حلا‭ ‬لا‭ ‬اليوم‭ ‬ولا‭ ‬غداً،‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬تمزق‭ ‬كيان‭ ‬الدولة‭ ‬بين‭ ‬ميليشيات‭ ‬يدعمها‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬ويسكت‭ ‬عنها‭ ‬الغرب‭ ‬نفاقاً،‭ ‬والسودان‭ ‬والجزائر‭ ‬تتابعون‭ ‬الأخبار،‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬خارج‭ ‬الزمن،‭ ‬ولا‭ ‬تكاد‭ ‬تخلو‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬أزمة،‭ ‬وفي‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬أزمة‭ ‬سببها‭ ‬الأساسي‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬المتخلف‭ ‬والمتعفن‭ ‬الذي‭ ‬يزرع‭ ‬التوتر‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬بإزالته‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يسببه‭ ‬من‭ ‬صداع‭ ‬دولي‭.‬

عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬العصر‭ ‬والتغيير‭ ‬ومواكبة‭ ‬المستجدات‭ ‬نجدها‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬الوزراء‭ ‬والصحافيين‭ ‬والكتاب‭ ‬العرب،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الذي‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬نجلد‭ ‬الذات‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تحتمل،‭ ‬ولكم‭ ‬أن‭ ‬تحتكموا‭ ‬إلى‭ ‬المشهد‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تخضع‭ ‬فيها‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬المزاج‭ ‬والصراع‭ ‬الدائم‭ ‬الأزلي‭ ‬بين‭ ‬خطاب‭ ‬قديم‭ ‬وتخلف،‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬نشهده‭ ‬بالعالم‭ ‬يومياً‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬مفعمة‭ ‬بالإبهار،‭ ‬مهرجانات‭ ‬للسينما‭ ‬وعروض‭ ‬للأزياء‭ ‬ومؤتمرات‭ ‬علمية‭ ‬وعروض‭ ‬للباليه‭ ‬والمسرح‭ ‬ومهرجانات‭ ‬للربيع‭ ‬والخريف‭ ‬والصيف‭ ‬واستقبال‭ ‬مبكر‭ ‬للشتاء‭ ‬واستعدادات‭ ‬منذ‭ ‬الآن‭ ‬لاحتفالات‭ ‬رأس‭ ‬السنة،‭ ‬بينما‭ ‬نغرق‭ ‬هنا‭ ‬بعالمنا‭ ‬العربي‭ ‬وحتى‭ ‬الإسلامي‭! ‬بأخبار‭ ‬القتل‭ ‬والحرق‭ ‬والانتحاريين‭ ‬الذين‭ ‬يفجرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭ ‬المكتظة‭ ‬بالسكان‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬للمدنيين‭ ‬من‭ ‬نساء‭ ‬وأطفال،‭ ‬لكم‭ ‬أن‭ ‬تقارنوا‭ ‬الصورة‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬والعالم‭. ‬

وإذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نزيد‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬بإضافة‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬فحدث‭ ‬ولا‭ ‬حرج‭ ‬ويكفيك‭ ‬أن‭ ‬تعرج‭ ‬على‭ ‬أفغانستان‭ ‬وبنغلاديش‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬لتعرف‭ ‬حال‭ ‬المسلمين‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬حال‭ ‬العرب‭ ‬وأي‭ ‬حال؟‭ ‬وأستغرب‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مقاومة‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭! ‬مع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬مازال‭ ‬هناك‭ ‬منا‭ ‬من‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬المستقبل‭ ‬وهو‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬قطعته‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬فضاءات‭ ‬رحبة‭ ‬بالاختراعات‭ ‬والاكتشافات‭ ‬وبين‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬ونتحدث‭ ‬فيه‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬النقاب‭ ‬للمرأة‭ ‬مسموحاً‭ ‬أم‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬والأعمال‭ ‬وعند‭ ‬قيادة‭ ‬السيارات‭.‬

هناك‭ ‬فجوة‭ ‬تاريخية‭ ‬وموروث‭ ‬وعقم‭ ‬بالأفكار،‭ ‬واستسلام‭ ‬للقدر‭ ‬ليحكم‭ ‬تفكيرنا‭ ‬ويعلبه‭ ‬ويجعلنا‭ ‬نرضخ‭ ‬ونستسلم‭ ‬للمصير‭ ‬المجهول،‭ ‬وإذا‭ ‬تنفس‭ ‬أحد‭ ‬خارج‭ ‬السرب،‭ ‬قذف‭ ‬بالكفر‭ ‬والخروج‭ ‬على‭ ‬التقاليد‭ ‬والقيم،‭ ‬حتى‭ ‬أضحينا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬قمقم‭ ‬هذا‭ ‬الموروث‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬سيطول‭.‬

تنويرة‭:

‬الحب‭ ‬كفصول‭ ‬السنة،‭ ‬يعتمد‭.. ‬كيف‭ ‬تتكيف‭ ‬معها؟‭.‬