عقوبات العزل والحصار ستضع طهران على شفير الصفقة أو الانتحار (2)

| راغدة درغام

جميع‭ ‬الوساطات‭ ‬فشلت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بإقناع‭ ‬القيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬بالتراجع‭ ‬عن‭ ‬مطالبتها‭ ‬واشنطن‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬أو‭ ‬تخفيفها‭ ‬قبل‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬خيار‭ ‬المفاوضات،‭ ‬وعن‭ ‬مطالبها‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬برفع‭ ‬الحصار‭ ‬النفطي‭ ‬عنها،‭ ‬وإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الناقلة‭ ‬التي‭ ‬اعترضتها‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬جبل‭ ‬طارق،‭ ‬وتفعيل‭ ‬الآلية‭ ‬المالية‭ ‬“انستكس”‭ ‬التي‭ ‬وُلِدَت‭ ‬ميتة‭ ‬بسبب‭ ‬تربّص‭ ‬واشنطن‭ ‬للذين‭ ‬يطبّقونها‭ ‬بعقوبات‭ ‬قاسية‭ ‬عليهم‭.‬

الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬مازال‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬دوراً‭ ‬مميّزاً‭ ‬مع‭ ‬القيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬كي‭ ‬تعدل‭ ‬عن‭ ‬التصعيد‭ ‬وتتوقف‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬الاستفزاز‭ ‬إلى‭ ‬الخط‭ ‬الأحمر‭ ‬واستدراج‭ ‬ضربة‭ ‬عسكرية‭ ‬أميركية‭ ‬تُنقذها‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬نظرها‭ ‬–‭ ‬من‭ ‬خناق‭ ‬العقوبات‭ ‬ومن‭ ‬تمرد‭ ‬داخلي،‭ ‬محاولاته‭ ‬السابقة‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل،‭ ‬لكن‭ ‬بوتين‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬سعيه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عرّاب‭ ‬إيقاف‭ ‬قطار‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬والحرب‭ ‬الموسّعة‭.‬

الإيرانيون‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬منزعجون‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬الروسية‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬رأيهم‭ ‬“طريّة‭ ‬جداً”‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬دعماً‭ ‬للمواقف‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬التنديد،‭ ‬فهم‭ ‬راهنوا‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬ودول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ليشكِّلوا‭ ‬رادعاً‭ ‬للإجراءات‭ ‬الأميركية‭ ‬العقابية،‭ ‬الاقتصادية‭ ‬منها‭ ‬والعسكرية‭. ‬ما‭ ‬وجدوه‭ ‬أن‭ ‬التصعيد‭ ‬الإيراني‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬النتيجة‭ ‬العكسية‭ ‬مع‭ ‬الأوروبيين‭ ‬إذ‭ ‬زادوا‭ ‬ابتعاداً‭ ‬عن‭ ‬طهران‭ ‬وتحالفاً‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬بعدما‭ ‬عبر‭ ‬الإيرانيون‭ ‬خط‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬الذي‭ ‬فضح‭ ‬الثغرة‭ ‬والنقص‭ ‬في‭ ‬الاتفاقية‭ ‬النووية‭.‬

وما‭ ‬لمسه‭ ‬الإيرانيون‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬هي‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬راغبة‭ ‬وغير‭ ‬مستعدة‭ ‬لأن‭ ‬تدخل‭ ‬الصراع‭ ‬الأميركي‭ ‬–‭ ‬الإيراني‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مصلحتها،‭ ‬لذلك‭ ‬ستحصر‭ ‬مواقفها‭ ‬في‭ ‬الإدانة‭ ‬اللفظية‭ ‬العامة‭.‬

أما‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬فأخطأت‭ ‬الحسابات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬الافتراض‭ ‬أن‭ ‬التحالف‭ ‬العسكري‭ ‬الروسي‭ ‬–‭ ‬الإيراني‭ ‬الميداني‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬سيُترجم‭ ‬نفسه‭ ‬بتحالف‭ ‬مماثل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مواجهة‭ ‬أميركية‭ ‬–‭ ‬إيرانية‭ ‬–‭ ‬إسرائيلية‭. ‬موسكو‭ ‬واعية‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬الإيرانية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الخط‭ ‬الأحمر،‭ ‬والكرملين‭ ‬ليس‭ ‬مقتنعاً‭ ‬بحكمة‭ ‬هذا‭ ‬التكتيك،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬موسكو‭ ‬لن‭ ‬تدخل‭ ‬طرفاً‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬حلف‭ ‬أميركي‭ ‬–‭ ‬إسرائيلي‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية‭ ‬شاملة‭. ‬“إيلاف”‭.‬