ومضة قلم

عنف الخادمات

| محمد المحفوظ

هل‭ ‬الخادمات‭ ‬عنيفات‭ ‬بطبعهنّ‭ ‬أم‭ ‬هنّ‭ ‬بريئات‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التهمة‭ ‬التي‭ ‬تلصق‭ ‬بهنّ‭ ‬غالباً؟‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬موضع‭ ‬نقاش‭ ‬إلاّ‭ ‬بعد‭ ‬انتشار‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬لخادمات‭ ‬يمارسن‭ ‬تعذيب‭ ‬أطفال‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬أعمارهم‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرف‭ ‬لهنّ‭ ‬جفن‭. ‬لعل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتساءل‭: ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬الخادمة‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السادية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نظير‭ ‬لها‭ ‬بحق‭ ‬أطفال‭ ‬أبرياء؟‭ ‬والإجابة‭ ‬التي‭ ‬نتصورها‭ ‬أنها‭ ‬نزعة‭ ‬الانتقام‭ ‬جراء‭ ‬ما‭ ‬يتعرضن‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬معاملة‭ ‬قاسية‭ ‬ومن‭ ‬ربات‭ ‬البيوت‭ ‬تحديدا‭.‬

وما‭ ‬تتناقله‭ ‬الصحف‭ ‬ووسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الإلكتروني‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬بشعة‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬يمكن‭ ‬التوقف‭ ‬أمام‭ ‬واحدة‭ ‬منها‭ ‬وبطلتها‭ ‬خادمة‭ ‬استغلت‭ ‬براءة‭ ‬شاب‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬واستطاعت‭ ‬بدهائها‭ ‬أن‭ ‬تجعله‭ ‬أسيرا‭ ‬لشهواتها،‭ ‬وقد‭ ‬أحالت‭ ‬حياته‭ ‬إلى‭ ‬جحيم‭ ‬رغم‭ ‬أنّ‭ ‬الشاب‭ ‬كان‭ ‬متفوقا‭ ‬في‭ ‬دراسته‭ ‬وله‭ ‬إسهاماته‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لكنّ‭ ‬الخادمة‭ ‬جعلته‭ ‬يرفض‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬لحضور‭ ‬المناسبات‭ ‬وبدأ‭ ‬تحصيله‭ ‬الدراسي‭ ‬يتراجع،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬فزع‭ ‬والديه‭ ‬وكانت‭ ‬الصدفة‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬الأب‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬الحقيقة‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تخطر‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬بال،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬الوالدان‭ ‬مدعوين‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬لارتباطهما‭ ‬بمناسبة،‭ ‬وكالعادة‭ ‬رفض‭ ‬الابن‭ ‬مرافقتهما‭ ‬بحجة‭ ‬المذاكرة‭ ‬لكن‭ ‬الأب‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬حاجة‭ ‬وفي‭ ‬غرفة‭ ‬الخادمة‭ ‬وجد‭ ‬الحقيقة‭ ‬عندما‭ ‬رأى‭ ‬الخادمة‭ ‬بأم‭ ‬عينه‭ ‬وابنه‭ ‬معا،‭ ‬طبعا‭ ‬لم‭ ‬يتمالك‭ ‬الأب‭ ‬نفسه‭ ‬فانهال‭ ‬على‭ ‬ابنه‭ ‬بالضرب‭ ‬المبرح‭ ‬أما‭ ‬الخادمة‭ ‬فإنها‭ ‬رُحلت‭ ‬إلى‭ ‬بلدها‭ ‬بيد‭ ‬أنّ‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬كانت‭ ‬فادحة‭. ‬

والذّي‭ ‬يجدر‭ ‬ذكره‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬سوء‭ ‬المعاملة‭ ‬ليس‭ ‬وحده‭ ‬ما‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬اقتراف‭ ‬الجرائم‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬ليس‭ ‬بوسع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬أرباب‭ ‬أسر‭ ‬يمارسون‭ ‬قسوة‭ ‬مفرطة‭ ‬وإهانات‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬وإرهاق‭ ‬الخدم‭ ‬بأعمال‭ ‬تمتد‭ ‬لساعات‭ ‬طويلة‭ ‬دون‭ ‬رحمة‭ ‬تدفعهن‭ ‬إلى‭ ‬الانتقام‭ ‬وبأساليب‭ ‬وحشية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان،‭ ‬والضحايا‭ ‬هم‭ ‬الأطفال‭ ‬دائما،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الكفلاء‭ ‬يتناسون‭ ‬ما‭ ‬حث‭ ‬عليه‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬الرأفة‭ ‬بالخدم‭ ‬ومنحهم‭ ‬حقوقهم‭.‬